هذه التأويلات أن نقول بجواز هذا الأسلوب لأنه يؤدي المعنى وليس فيه إلباس. ولا بأس بالقول: كانت عادة كرمه، وكان عادة كرمه. [الإنصاف ص ٧٧٢، بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله تعالى].
[٣٥٨ - وقائلة نعم الفتى أنت من فتى ... إذا المرضع العوجاء جال بريمها]
البيت للشاعر الكروّس بن الحصن أو ابن زيد. والمرضع: المرأة التي ترضع.
والبريم: حبل تشدّ به المرأة وسطها. ويكون فيه لونان ومزين بجوهر. وجولانه على وسطها كناية عن هزالها. والعوجاء، بالواو، رواية العيني، وفي اللسان (عرجاء) بالراء.
وقائلة: أي: ربّ امرأة قائلة والشاهد (من فتى) حيث جمع بعد فعل المدح (نعم) بين الفاعل الظاهر والتمييز. نعم: فعل ماض الفتى: فاعله، أنت: مخصوص بالمدح ومن فتى: تمييز. [الأشموني ج ٣/ ٣٥، واللسان (برم)]. والشاعر الكروس إسلامي عاش أيام ولاية مروان بن الحكم على المدينة [المؤتلف والمختلف].
٣٥٩ - ترّاك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يعتلق بعض النفوس حمامها
قاله لبيد بن ربيعة، في معلقته برقم (٥٦) وهو في سياق أبيات يفخر فيها بنفسه.
وترّاك: مبالغة (تارك) خبر بعد خبر لأنّ في البيت السابق.
أولم تكن تدري نوار بأننّي ... وصّال عقد حبائل جذّامها
وقوله: يعتلق: أي: يحبس. وبعض النفوس: يريد نفسه. والحمام: الموت.
والإشكال في قوله «أو يعتلق» بالجزم.
فقال قوم: إنه مجزوم على الأصل، لأن أصل الأفعال ألّا تعرب، وإنما أعربت للمضارعة. ولكن هل ذهبت المضارعة هنا؟
وقال قوم: إنه منصوب، لأن (أو) بمعنى إلّا أن، وأسكنه ردا إلى أصله. وهذا كسابقه، إلا أنه يجعل «أو» ناصبة.
والقول الثالث: أنه مجزوم عطفا على (لم أرضها) وهو الصحيح، فالمعنى: إني أترك الأمكنة إذا رأيت فيها ما يكره، أو إذا لم أرضها، أو لم يعتلق بعض ... (فأو) حرف عطف. [الخصائص ج ١/ ٧٤، والمعلقات السبع، أو العشر، وشرح شواهد الشافية ٤١٥].