ألا لا أبالي اليوم ما صنع الدهر ... إذا منعت منّي مليكة والخمر
فإن تك قد أمست بعيدا مزارها ... فحيّ ابنة المريّ ما طلع الفجر
انظر [الإصابة/ ٣/ ٤٦٢].
[٥٠٨ - لقد كذبتك نفسك فاكذبيها ... فإن جزعا وإن إجمال صبر]
البيت لدريد بن الصّمّة، من قصيدة يرثي فيها معاوية بن عمرو، أخا الخنساء والبيت خطاب لامرأته التي كانت تلومه على بعض أحواله، وفي كثير من المصادر النحوية، يجعلون الخطاب للمذكّر، بفتح الكاف، ويروونه «فاكذبنها»، والصحيح أنه خطاب المؤنث، فقبل البيت من المطلع وما بعده:
ألا بكرت تلوم بغير قدر ... فقد أحفظتني ودخلت ستري
فإن لم تتركي عذلي سفاها ... تلمك عليّ نفسك أيّ عصر
وإلا ترزئي نفسا ومالا ... يضرّك هلكه في طول عمري
فقد كذبتك .. البيت، وهذا الوهم يقع لأن النحويين يعتمدون على البيت المفرد، ولا ينظرون في قصيدة البيت، ولذلك ظنّ بعضهم أن الشاعر يعزي نفسه عن موت أخيه عبد الله بن الصمّة، مع أن الشاعر قال بعد البيت الشاهد:
فإنّ الرّزء يوم وقفت أدعو ... فلم يسمع معاوية بن عمرو
وقوله: كذبتك .. الخ، تقول العرب: كذبته نفسه، أي: منّته الأمانيّ، وخيلت إليه من الآمال ما لا يكاد يكون، وذلك مما يرغب الرجل في الأمور، ويبعثه على التعرض لها، ويقولون في عكسه: صدقته نفسه، إذا ثبطته، وخيلت إليه العجز والنكد في الطلب.
والشاهد:«فإن جزعا وإن إجمال صبر» قال سيبويه: إنّ «إن» هي جزء «إمّا» وليست «إن» الشرطية التي تطلب فعلين، والتقدير على النصب «فإما تجزع جزعا» ويجوز الرفع، والتقدير فإما جزع وإما إجمال صبر، ويكون ما بعد إمّا: مبتدأ، خبره محذوف، والتقدير: فإما أمري جزع وإما إجمال صبر. [سيبويه/ ١/ ٢٦٦، هارون، والخزانة/ ١١/ ١٠٩، وشرح المفصل/ ٨/ ١٠١، والهمع/ ٢/ ١٣٥].
٥٠٩ - ألا حبذا قوما سليم فإنهم ... وفوا إذ تواصوا بالإعانة والصبر