[٤ - قعيدك أن لا تسمعيني ملامة ... ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا]
هذا البيت من قصيدة لمتمم بن نويرة، يرثي بها أخاه مالك بن نويرة، والبيت شاهد على أنّ «قعيدك الله» و «عمرك الله» أكثر ما يستعملان في القسم السؤالي، فيكون جوابهما فيه الطلب كالأمر والنهي. و «أنّ» هنا زائدة. وقعيدك: بمعنى حفيظك. وقوله:
«فييجعا»، هي «يوجع»، ولكنها بلغة تميم، وهو منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية المسبوقة بالطلب. وقعيدك: مصدر منصوب بفعل مضمر، وهو من أساليب القسم.
[الخزانة/ ٢/ ٢٠ والهمع/ ٢/ ٤٥].
٥ - ألا قالت العصماء يوم لقيتها ... أراك حديثا ناعم البال أفرعا
فقلت لها: لا تنكريني فقلّما ... يسود الفتى حتى يشيب ويصلعا
البيت الأول هو الشاهد على أنّ صفة الزمان القائمة مقام الموصوف، يلزمها الظرفيّة عند سيبويه. كما في هذا البيت، أي: زمانا حديثا. والبيتان في «الحماسة» / ٣٢١ / بدون عزو. يقول الشاعر: قالت لي هذه المرأة لما التقيت معها: أعلمك عن قريب ناعم الحال، أفرع، أي: تام شعر الرأس لم يتسلط صلع، ولا حدث انحسار شعر، فكيف تغيرت مع قرب الأمد، والرؤية هنا بصرية، وناعم البال: مفعوله، وأفرع: صفته.
وقوله: فقلت لها .. الخ، يقول: قلت لها، لا تستنكري ما رأيت من شحوب لوني، وانحسار شعر رأسي، فما ينال الفتى السيادة حتى يستبدل بشبيبته شيبا، وبوفور شعر رأسه صلعا.
وتقول العامة اليوم: مقومات الوجاهة ثلاثة: الكرش، والباكورة (العصا)، والصّلعة، ولا تأتي ثلاثتها إلا مع تقدم السنّ، وقد تكون هذه الفلسفة صحيحة؛ لأن كبير القوم إذا كان شيخا تفرغ للنظر في شؤون الناس، مع تجربته السابقة، فإذا كان صغير السن، انشغل بعض الوقت في ملذّاته الخاصة، والله أعلم. [الخزانة/ ٣/ ١٠١].
٦ - لقد عذلتني أمّ عمرو ولم أكن ... مقالتها - ما كنت حيّا - لأسمعا
ليس للبيت قائل معروف. وهو شاهد على أنّ «مقالتها» مفعول مقدم لأسمع عند الكوفيين. وعند البصريين منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور، والتقدير: ما كنت أسمع مقالتها. [الخزانة/ ٨/ ٥٧٨، وشرح التصريح/ ٢ /
٢٣٦، وشرح المفصل/ ٧/ ٢٩].