ثم قال: والذي نواه وأراده الشاعر. (الثلاث) لأن البيت الثالث يقول: فبيني بها.
[شرح أبيات المغني/ ١/ ٣٢٤].
١٤٣ - أما والذي لا يعلم الغيب غيره ... ومن هو يحيي العظم وهو رميم
لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى ... محافظة من أن يقال لئيم
وإني لأستحيي رفيقي ودونه ... ودون يدي داجي الظلام بهيم
تروى لحاتم الطائي. وتروى لغيره ممن لم يسمّ.
وقوله في البيت الثالث. أستحيي: أي: أنقبض وأنزوي. يتعدى بنفسه وبالحرف فيقال: استحييت منه، واستحييته. يقول: إذا أكلت مع ضيفي في زمن الجدب أستحيي منه فأدع الأكل وأوثره بالطعام حتى يشبع وأوهمه أني آكل معه والحال أن ظلام الليل مانع من أن يرى كلّ منا يد الآخر. فجملة - (ودونه) إلى آخر البيت حال من الفاعل والمفعول معا.
وقوله: ودونه. أي: دون يده وفي هذا التفسير مبالغة، لأن ليل مضارب البادية لا يحول دون رؤية الإنسان ملاصقه وهذا الوصف يكون لمن يسكن البيوت المغلقة.
والشاهد في البيت الأول: على أنّ «أما» مثل «ألا» من مقدّمات اليمين. وجواب القسم في أول البيت الثاني. [شرح أبيات المغني/ ٢/ ٧٥].
[١٤٤ - أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلا بغامها]
البيت من قصيدة للشاعر ذي الرّمة. يصف ناقته. وأنيخت ماض مبني للمجهول:
وأنختها: أبركتها. والبلدة الأولى: الصدر. والبلدة الثانية. الأرض. والبغام: بضم الباء:
هنا، صوت الناقة.
والشاهد: «إلا بغامها» على أن «إلّا» صفة للأصوات، وهي لتعريفها بلام الجنس شبيهة بالمنكر. ولما كانت «إلا» الوصفية في صورة الحرف الاستثنائي نقل إعرابها الذي تستحقه إلى ما بعدها: كأل الموصولة لما كانت في
صورة حرف التعريف نقل إعرابها أيضا إلى صلتها، وهو الوصف. فرفع: «بغامها» إنما هو بطريق النقل من «إلا» إليه، والمعنى: إنّ صوتا غير بغام الناقة قليل في تلك البلدة، وأما بغامها فهو كثير. والخلاصة: أن أحد أحوال «إلا» أن تكون صفة بمنزلة غير فيوصف بها وبتاليها، جمع منكّر، أو شبهه، ومثال