٥٤٩ - فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة ... بآنسة كأنّها خطّ تمثال
وقبل البيت (وهو لامرئ القيس):
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني ... كبرت وأن لا يشهد اللهو أمثالي
وبسباسة: زعموا أنها امرأة من بني أسد. وهذا خبر بلا دليل، وإنما هي امرأة في خيال الرواة.
وقوله: فيا ربّ، يا: الداخلة على «ربّ» ليست للنداء، وإنما هي للتنبيه، كالداخلة على «ليت» و «حبّذا»، وروي بدله (بلى ربّ يوم)، وجملة «لهوت»: صفة يوم. والآنسة:
المرأة التي تأنس بحديثك. والخط: الكتابة. والتمثال: الصورة. شبهها بصورة الصنم المنقوشة، في حسن المنظر وتناسب الأعضاء. قال أبو أحمد: وهذا يدلّ على فساد الذوق. ذلك أن الصنم قبيح المنظر، ويكفي أن تكون عيناه غائرتين، ليكون أبشع صورة. وهل يبلغ خلق الإنسان، جمال خلق الله؟!
والبيت أنشده ابن هشام في المغني شاهدا على أنّ «ربّ» للتكثير. وقال غيره: «ربّ» هنا، للمباهاة والافتخار؛ لتقليل النظير. [شرح أبيات المغني ج ٣/ ١٦١].
[٥٥٠ - لن تزالوا كذلكم ثم لا زلت ... لكم خالدا خلود الجبال]
البيت للأعشى ميمون، من قصيدة مدح بها الأسود بن المنذر اللخمي، ومطلعها:
ما بكاء الكبير بالأطلال ... وسؤالي فما يردّ سؤالي
وأنشدوا البيت على أن (لن) فيه للدعاء. واستدلوا على كونها للدعاء، كونه عطف قوله: (لا زلت لكم)، وهو دعاء، وإذا كانت (لن) خبرا، لزم عطف الإنشاء على الخبر.
وردّ بأن الدعاء لا يكون للمتكلم، وإنما يكون للمخاطب أو الغائب. والحقيقة أن البيت حرّفه النحاة، وروايته الصحيحة.
لن يزالوا كذلكم ثم لا زلت ... لهم خالدا خلود الجبال
فالضمير في (يزالوا) بالياء، يعود على من أسر وسبى من الأعداء، وكان اللخمي قد غزا أسدا فأباح حيّهم، ثم جاءه الأعشى وأنشده القصيدة، وطلب منه إرجاع ما أخذ.