تكون»، إذ أصله «لأن تكون». والمعروف أن محلّ (أن وأنّ) وصلتهما بعد حذف الجار، النصب. فالعطف عليهما يكون بالنصب وقد أجيب عن هذه الرواية، بأنه عطف على توهّم دخول اللام على «أن تكون» .. وخير من هذا وذاك، أن نرويها بالنصب (ولا دينا) وينتهي الإشكال. [الإنصاف/ ٣٩٥، وشرح أبيات المغني/ ٧/ ١٣٦، والهمع/ ج ٢/ ٨١، والأشموني ج ٢/ ٩٢].
١٥٤ - وقد طفت من أحوالها وأردتها ... سنين فأخشى بعلها وأهابها
ثلاثة أحوال فلما تجرّمت ... علينا بهون واستحار شبابها
دعاني إليها القلب إني لأمره ... سميع فما أدري أرشد طلابها
.. الأبيات لأبي ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد (- ٢٧ هـ) شاعر مخضرم قدم على الرسول، فوصل المدينة وهو مسجى، وحضر الصلاة عليه ودفنه.
والأبيات يصف فيها ما لاقاه في سبيل محبوبته، وقوله: أحوالها: أي: حولها، لتعدد الأماكن التي طاف فيها.
وقوله: ثلاثة: انتصب على البدل من سنين .. قوله: استحار شبابها: أي برعت محبوبته وبلغت النهاية، وقوله: دعاني إليها: جواب لمّا.
ويروى: عصاني القلب: أي عصاني القلب ماثلا إليها وذاهبا نحوها. فانقدت لهواه وآثرت العدول إلى رضاه .. ، وقوله: فما أدري: أراد: التبس الأمر عليّ، فلم أدر، أطلابها رشد أم غيّ، وهذا بيان حاله حين عصاه القلب وركبه
الهوى. فتمكن منه، وذلك لأنه فارقه الجلد والحزم، فاستوى لديه الحسن والقبيح.
.. وجملة: إنّي لأمره سميع: استئناف بياني، والتأكيد للشك، ويجوز أن تكون اعتراضية، ويجوز أن تكون حالا من الياء في (دعاني) وجملة (فما أدري) معطوفة على (دعاني) وطلابها: مبتدأ. ورشد: خبره. والجملة منصوبة المحل بفعل الدراية المعلق عنها بالاستفهام .. والشاهد في البيت الثاني: حذف المعادل للهمزة في قوله: أرشد طلابها، تقديره: أم غيّ. وقيل: لا حذف في الكلام، لصحة الكلام بدون تقديره. [شرح أبيات المغني ج ١/ ٢١، والهمع/ ٢/ ١٣٢، والأشموني/ ٣/ ١١٦، وديوان الهذليين ١/ ٧١].