وقوله: في حبيّ، متعلق ب «وميضه». وفي البيت شاهدان:
الأول: أصاح؛ فالكلمة مؤلفة من حرف النداء، ومنادى مضاف لياء المتكلم، وقد رخمه الشاعر بحذف ياء المتكلم، وحذف حرف من أصل الكلمة وأصله. صاحبي. وهذا الترخيم شاذ، ولا يكون مثله عند البصريين إلا في ضرورة الشعر؛ لأنهم لا يجيزون ترخيم الاسم المضاف.
قلت: أما ترخيم صاحبي، فلا شذوذ فيه، لأنه كثر في كلامهم، والشواهد عليه كثيرة، وكأنه ثبت عند الشعراء أنه قائم على ثلاث حروف «صاح»، ويرخمونه أيضا في النثر.
الثاني: روى سيبويه البيت (أحار ترى برقا) أراد يا حارث، فرخم بحذف الثاء، وهو عند سيبويه قليل بالنسبة لترك الترخيم. ولكنه قال: قد كثر عندهم ترخيم حارث، ومالك وعامر، لكثرة استعمالها في الشعر، والأصل في الترخيم حذف ما آخره تاء في النداء، ثم توسعوا. [الإنصاف ص ٦٨٤، والخزانة ج ٩/ ٤٢٥، وكتاب سيبويه ج ١/ ٣٣٥].
البيت لحسان بن ثابت. والثغام: نبات، واحدته ثغامة، وإذا جفت ابيضت كلها، وهو مرعى تعلفه الخيل، وإذا أمحل
الثغام كان أشدّ ما يكون بياضا، ويشبه به الشيب.
والشاهد: إمّا تري، إما شرطية. قالوا: تلزم نون التوكيد الفعل التالي إمّا الشرطية، ولم يقع في القرآن إلا مؤكدا بالنون، وتحذف في الشعر ضرورة. ومنها هذا البيت (وتري) فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، لأنه يخاطب امرأة. [الهمع ج ٢/ ٧٨، والخزانة ج ١١/ ٢٣٤].
[٦٠٩ - وما كنت ذا نيرب فيهم ... ولا منمش فيهم منمل]
هذا البيت غير معزوّ إلى قائله ... والنّيرب: بفتح النون وسكون الياء: هي النميمة ورجل ذو نيرب: ذو نميمة، والهاء: في (فيهم) راجعة إلى العشيرة. والمنمش: اسم فاعل من أنمش: وهو المفسد ذات البين، ومنمل: اسم فاعل من أنمل الرجل إذا نمّ، ورجل نمل ونامل.