إذا سقي الخمر لا يفرق بين محارمه وغير محارمه؛ لأنه يضيع وعيه، وكيف يعرضون عليه النساء، وفيه اتهام وقذف للنساء المعروضات؟ ومن الذي سقاه الخمر، هل سقاه عمر الخمر، حيث ذكر «فسقوه» في سياق سماع عمر له ...
كل هذا قصص أدبي من اختراع أهل القصة ولا يصحّ أن يروى في التاريخ والله أعلم. فإن كتب الأدب ليست مكانا لرواية التاريخ أو أخذ التاريخ منها، وإنما هي من مواطن السمر واللهو، والسمر يملحه الكذب الأدبي.
٤ - الشواهد الشعرية لا تشمل القواعد النحويّة كلها:
فأكثر ما يأتون بالشاهد في المسائل الخلافية، أو فيما شذّ عن القاعدة التي تعارفوا عليها:
فإذا قالوا: إن «ال» من علامات الاسم، جاؤوا بالشواهد التي دخلت فيها «ال» على الفعل المضارع، شذوذا أو ضرورة. كقول الفرزدق:
«ما أنت بالحكم الترضى حكومته».
وإذا قالوا: إنّ الفعل لا يلحقه ضمير المثنى والجمع إذا كان الفعل مثنى أو مجموعا. استشهدوا بما رأوه شاذا أو أنه لغة من لغات العرب كقول ابن قيس الرقيات في مصعب:
تولى قتال المارقين بنفسه ... وقد أسلماه مبعد وحميم
وارجع إلى الشواهد فإنك واجد أكثرها في المسائل الخلافية والشاذ من القواعد، أو في الضرائر الشعرية.
٥ - قسّم علماء العربية الأوائل، قواعد النحو، إلى قياسيّة، يصح القياس عليها والنسج على منوالها لكثرة شواهدها عندهم. وإلى سماعيّة، أو قليلة، أو شاذة، أو ضرورة، ولا يصحّ القياس عليها لندرة شواهدها عندهم. وتتابع المؤلفون على هذا التقسيم إلى العصر الحديث.