في هذا المعجم ما يقرب من أربعة آلاف بيت شعر، لنحو تسع مئة شاعر وشاعرة، وراجز وراجزة. وإذا كتب لهذا المعجم أن ينشر، واحتواه الناس في مكتباتهم، فإنهم لن يقرؤوه دفعة واحدة، وإنما يرجعون إليه، كلما عنّ لهم بيت، وأرادوا أن يعرفوا شيئا عنه. وربما قرأه باحث أراد أن يقدم دراسة إحصائية استقرائية لجانب من الجوانب التي تدل عليها الشواهد، وتبقى جوانب أخرى لم يأبه لها هذا الباحث.
أمّا مصنّف هذا المعجم، فلعله القارئ الوحيد الذي أمعن النظر والتدقيق في كل بيت، ولفت انتباهه جوانب متعددة
مما تدل عليها الأبيات. وقد تجمعت عندي ملاحظات نقدية، أحبّ أن أنقلها إلى القارئ، وقد يوافقني عليها بعض القراء، ويدفعها آخرون .. وهذا ليس غريبا في باب الأدب، والنقد، لأنه نقد قد يعتمد على الذوق الذاتي، وقد يعتمد على المحاكمة العقلية المحكومة بالدليل. فما كان معتمدا على الذوق الذاتي تختلف فيه الآراء، لاختلاف الأذواق، ولكن الاختلاف في الأذواق لا يعني فساد ذوق فئة، وصحة ذوق فئة أخرى، وإنما هو اختلاف طبعي، أو اختلاف تربوي، والطبيعة والتربية تؤثران في ذوق الإنسان، ولكنهما لا تفسدانه، وينطبق على حال اختلاف الأذواق، القول:
«وللناس فيما يشتهون مذاهب».
أما الاختلاف المعتمد على المحاكمة العقلية المحكومة بالدليل، فإنه لا يخوض فيه إلا من امتلك دليلا يزعم أنه الأقوى، أو امتلك فهما في نصّ الدليل غاب عن الطرف الآخر.