١١٥ - ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة ... أعرافهنّ لأيدينا مناديل
من قصيدة لعبدة بن الطبيب في المفضليات، يقول في مطلعها:
هل حبل خولة بعد الهجر موصول ... أم أنت عنها بعيد الدار مشغول
والشاعر مخضرم، أدرك الاسلام فأسلم، وشهد مع المثنى بن حارثة قتال هرمز سنة ١٣ هـ، والقصيدة قالها بعد وقعة القادسية، وكان عبدة أسود، وهو الذي رثى قيس بن عاصم المنقري بقصيدة يقول فيها:
وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدّما
قال أبو عمرو بن العلاء: هذا أرثى بيت قيل، وقال ابن الأعرابي: هو قائم بنفسه، ماله نظير في الجاهلية ولا الإسلام.
والجرد: الخيل القصار الشعر. والمسومة: المعلمة. مناديل: يريد أنهم يمسحون أيديهم من وضر الطعام بأعرافها. وقال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: أيّ المناديل أشرف؟ فقال قائل منهم: مناديل مصر، وقال آخرون: مناديل اليمن، فقال عبد الملك:
مناديل أخي بني سعد، عبدة بن الطبيب، وذكر هذا البيت.
والشاهد في البيت: «ثمّت»، حيث اتصلت «تاء التأنيث» ب «ثمّ» وبعض الكوفيين ينشد هذا البيت؛ لنقض دليل البصريين على أن «نعم وبئس» فعلان؛ لاتصال «تاء التأنيث» بهما، وهذه «التاء» من علامات الأفعال. فقال الكوفيون: إن هذه «التاء» تدخل على الحروف:
ثم، وربّ، ولا، فنقول: ثمت وربّت، ولات. ولكن دليل الكوفيين هنا واه؛ للفرق بين «التاء» التي تدخل على الحرف، و «التاء» التي تدخل على الفعل، انظر [الإنصاف/ ١٠٦].
١١٦ - ما أقدر الله أن يدني على شحط ... من داره الحزن ممّن داره صول
الله يطوي بساط الأرض بينهما ... حتى يرى الرّبع فيه وهو مأهول
من قطعة في الحماسة رقم ٨٢٧، قالها حندج بن حندج المريّ. وقوله: ما أقدر الله، لفظه التعجب، ومعناه الطلب والتمني. وكان الواجب أن يقول: ما أقدر الله على أن ...
فحذف الجار. والشحط: بفتحتين، البعد، وحقه سكون الوسط.
والحزن: موضع بعينه. وصول: مدينة من بلاد الخزر، لعلّ الصولي، منسوب إليها،