الأولى: أنه يؤيد ما ذهب إليه أبو الحسن الأخفش من مجيء المصدر على زنة اسم المفعول، كما جاء على زنة اسم الفاعل، كالعافية.
والثانية: أنه يدل على جواز جمع المصدر، فقد جمع «ميسور» على مياسير. وفي شرح أبيات المغني سمى الشاعر «حريث بن جبلة العذري» وقبل البيت الشاهد:
يا قلب إنّك في أسماء مغرور ... اذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير
قد بحت بالحبّ ما تخفيه من أحد ... حتى جرت بك أطلاقا محاضير
تبغي أمورا فما تدري أعاجلها ... خير لنفسك أم ما فيه تأخير
وقوله: استقدر: فعل أمر، أي: اطلب منه تعالى أن يقدّر لك خيرا. ولفظ الجلالة، مفعول أول، و «خيرا» مفعول ثان، بينما: بين: ظرف مكان، و «ما»: زائدة، العسر:
مبتدأ. خبره محذوف. و «إذ»: كلمة دالة على المفاجأة وقد اختلف فيها، فقيل: هي ظرف مكان، وقيل: ظرف زمان، وهي بدل من «بين» أو متعلق بما بعده.
والشاهد: قوله: «إذ» فإنها كلمة تدل على المفاجأة، لأن المعنى يدل على ذلك.
[سيبويه/ ٢/ ١٥٨، والشذور/ ١٢٦، وشرح أبيات المغني/ ٢/ ١٦٨].
١١٥ - لسلمى بذات الخال دار عرفتها ... وأخرى بذات الجزع آياتها سطر
كأنهما ملآن لم يتغيرا ... وقد مرّ للدارين من بعدنا عصر
البيتان لأبي صخر الهذلي، من قصيدة مرّ منها البيت (وإني لتعروني .. القطر)، ومنها:
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما النّفر
فيا هجر ليلى قد بلغت بي المدى ... وزدت على ما لم يكن بلغ الهجر
ويا حبّها زدني جوى كلّ ليلة ... ويا سلوة الأيّام موعدك الحشر
... وذات الخال، وذات الجزع: مكانان، وآياتها سطر: أي: علاماتها دارسة لم يبق منها إلا ما يشبه السطر الذي ينمقه الكاتب، ويكثر في شعراء هذيل هذا التشبيه. وقوله:
ملآن: أي: من الآن، حذف نون (من) لالتقائها ساكنة مع لام «الآن» ولم يحركها لالتقاء الساكنين كما هو الغالب، وهو الشاهد في البيت الثاني: حيث أعرب «الآن» وجره بالكسرة، ولكن ما المانع أن يروى البيت بالفتح، ويكون «الآن» مبنيا. [الشذور/ ١٢٨،