وقوله: أم كيف يجزونني: أم، للإضراب عن الأول، يقول: بل أتعجب من قومي كيف يعاملونني بالسوء حال كونه بدلا من الفعل الحسن. وأضرب عن الأول للإشارة إلى أنّ إساءتهم لبني عامر سهل بالنسبة إلى إساءتهم إليه.
وقوله: أم كيف ينفع: أم، هذه للإضراب أيضا، وكيف: للاستفهام الإنكاري والرئمان: بكسر الراء، والهمز: مصدر رئمت الناقة ولدها من باب فرح، إذا أحبته وعطفت عليه.
وقوله: إذا ما ضنّ: بالبناء للمجهول وفي الأمثال «لا أحبّ رئمان أنف وأمنع الضرع». يضرب لمن يظهر الشفقة ويمنع خيره. وأصله أنّ «العلوق» وهي الناقة التي تفقد ولدها بنحر أو موت، فيسلخ جلده ويحشى تبنا ويقدم إليها لترأمه أي لتعطف عليه ويدرّ لبنها فينتفع به، فهي تشمه بأنفها وينكره قلبها، فتعطف عليه ولا ترسل اللبن فشبّه ذاك بهذا.
وللبيتين في مجالس الخلفاء قصة بين الأصمعي والكسائي في حضرة الرشيد. حيث رأى الأصمعي أن «رئمان» بالرفع فقط.
وأما الكسائي فقال: فيها الرفع، والنصب. والجرّ.
أما الرفع: فعلى البدل من «ما» التي تعرب فاعلا في محل رفع.
والنصب: بالفعل «تعطي».
والجر: بدل من الهاء في «به» [شرح أبيات مغني اللبيب ١/ ٢٤٠، والمفضليات/ ٢٦٣، واللسان «سوأ» والخزانة/ ١١/ ١٤٠].
١٢٥ - من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشرّ بالشرّ عند الله مثلان
البيت منسوب لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، ونسب إلى كعب بن مالك.
والشاهد: الله يشكرها. فهو جواب الشرط (جملة اسمية) وحذف الفاء الرابطة للضرورة. والأصل: فالله يشكرها. وروي عن الأصمعي أنه قال: هذا البيت غيّره النحويون والرواية «من يفعل الخير فالرحمن يشكره» والبيت من روايات سيبويه، ولا يرضى أنصاره بقول الأصمعي، لأنه طعن في رواية الشيخ: وكثيرا ما يعتذرون عن سيبويه