فيقول: لا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك، من انتسبت إليه من شريف أو وضيع، وضرب المثل
بالظبي والحمار، وجعلهما أمّين، وهما ذكران، لأنه مثل لا حقيقة، أو لأن الأمّ معناه الأصل. وذكر الحول لذكر الظبي والحمار لأنّهما يستغنيان بأنفسهما بعد الحول، فضرب المثل بذكره للإنسان لما أراد من استغنائه بنفسه.
أقول: وإذا صح أن الشاعر يريد هذا المعنى، فإن الأبيات تكون مكذوبة على صاحبها لأن ما وصفه من تقلب الزمان على الهيئة التي قالها إنما هو من الأحوال المتأخرة التي كانت في الحواضر. وفي البيتين رائحة الشعوبية.
والشاهد في البيت الثاني: وقد ذكره ابن هشام ليردّ أوهام النحويين فيه، فقد قالوا:
ظبيّ: اسم «كان» بعده، والصواب عنده: أنه اسم لكان محذوفة مفسّرة بكان المذكورة، أو مبتدأ، والأول أولى لأنّ همزة الاستفهام بالجمل الفعلية أولى منها بالاسمية، وعليهما فاسم كان - الثانية - ضمير راجع إليه، وأمّك: بالنصب: خبر كان، وقول سيبويه «أنه أخبر عن النكرة بالمعرفة واضح على الأول» لأن ظبيا المذكور اسم كان. وخبره أمّك.
وأما على الثاني: فخبر (ظبي) إنما هو الجملة، والجمل نكرات. ولكن يكون محلّ الاستشهاد قوله: (كان أمّك) على أنّ ضمير النكرة عنده نكرة، لا على أنّ الاسم مقدم.
[شرح أبيات المغني/ ٧/ ٢٤١].
٢٢٧ - إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن ... عارا عليك وربّ قتل عار
البيت للشاعر ثابت بن كعب، وهو ثابت قطنة، شاعر فارس شجاع من شعراء الدولة الأموية، ولقّب قطنة، لأن عينه ذهبت في المعارك فحشاها قطنة. والبيت من قصيدة يرثي بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، وكان - يزيد - قد خلع يزيد بن عبد الملك، ورام الخلافة لنفسه في البصرة.
والكوفيون يستشهدون بالبيت على اسمية «ربّ» وأن «عار» خبر عنها، وردّ هذا ابن هشام، وقال: عار: خبر لمحذوف، والجملة صفة للمجرور أو خبر للمجرور، إذ هو في موضع مبتدأ. [شرح أبيات المغني/ ١/ ١٢٦].
[٢٢٨ - لهفي عليك للهفة من خائف ... يبغي جوارك حين ليس مجير]
البيت لشمردل بن شريك الليثي في الرثاء، والمعنى: أتلهف عليك من أجل لهفة