وقوله: أكرم بنا: تعجب، أي: ما أكرمنا خالا وما أكرمنا ابنا و «ما» زائدة. وقد زعموا أن النابغة عاب حسان بن ثابت، لأنه فخر بمن يلد ولم يفخر بمن ولده. والقصة هذه موضوعة لا تصحّ، وإنما وضعها المعلمون أو خصوم حسان. لأن الفخر بالأبناء، يدلّ على كمال الآباء، يريد أن يقول إنهم ذوو عرق لا ينجب إلا النجباء، والعرب تقول: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس. وقد أثبت بطلان قصة نقد النابغة لحسان عند الكلام على البيت:
لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وأثبت أهل الفطنة الأدبية أن جمع المؤنث يصلح للكثير والقليل وأن (أفعال) جمع القلّة، إذا أضيف إلى الضمير دلّ على الكثرة، وأن اللمعان في الضحى أقوى من يبرقن بالدجى، ويقطرن تساوي يجرين، بل لو قال يجرين لكان مستهجنا. [كتاب سيبويه ج ٢/ ١٨١، والخصائص ج ٢/ ٢٠٦ وشرح المفصل ج ٥/ ١٠ والأشموني ج ٤/ ١٢١].
٣٦٧ - وهل لي أمّ غيرها إن ذكرتها ... أبى الله إلا أن أكون لها ابنما
البيت للشاعر المتلمس.
وقوله: لي أمّ: مبتدأ وخبر. وغيرها: بالرفع، صفه لأمّ. وجواب إن محذوف دلّ عليه الكلام السابق. و «أن» في الشطر الثاني مصدرية، والتقدير: إلا كوني ابنا لها، أي:
لأمي. و «ابنما» منصوب لأنه خبر كان وفيه الشاهد: فإن أصله «ابن» زيدت فيه الميم، للمبالغة، لأن زيادة الحروف يدل على زيادة المعنى. قلت: ولم أفهم معنى المبالغة في قوله «ابنما» والبيت من قصيدة، جاء في أولها:
يعيرني أمّي رجال ولا أرى ... أخا كرم إلا بأن يتكرّما
ومن كان ذا عرض كريم فلم يصن ... له حسبا كان اللئيم المذمّما
[الخزانة ج ١٠/ ٥٨ - ٥٩، والأشموني ج ٤/ ٢٧٦، والخصائص ج ٢/ ١٨٢].
٣٦٨ - لقيم بن لقمان من أخته ... فكان ابن أخت له وابنما