... سلا: فعل ماض. وتذكره: مصدر مضاف، وتكتما: اسم امرأة، منصوب بالمصدر. والقصيدة عدة أبياتها ٢٣ بيتا. من ١ - ٢٠: في الحكمة والموعظة. وفي الأبيات الثلاثة الأخيرة ترك ما كان فيه وسلك طريقا أخرى بلا مناسبة. ويذكر في الأبيات الثلاثة قصة غريبة، لا عبرة فيها ولا حكمة، ومنها البيت الشاهد: الذي يقول فيه: إنّ لقيم بن لقمان من أخته التي نام معها وهو لا يعلم، فأنجبت لقيما، فكان ابنا وابن أخت. وهي تشبه إلى حدّ بعيد القصة الاسرائيلية التي تزعم أن بنات لوط سقينه الخمر لينجبن منه. وقد نقل البغدادي في خزانته نقلا عن ابن حبيب، والجاحظ في البيان والتبيين والعيني، وجميعهم نقل ولم يضعّف أن أخت لقمان كانت عند رجل، وكانت تنجب ضعافا فاتفقت مع زوج لقمان، أن تسكر لقمان، وتنام مع أخيها. وقيل إن لقمان لم يكن ينجب، فاتفقت مع أخته أن تنام مع أخيها لتحمل منه، وهذا يعني أن امرأة لقمان التي لم تكن تنجب. وقالوا: إن لقمان هذا الذي تذكره العرب، هو لقمان بن عاد الأكبر، وليس المذكور في القرآن.
قلت: وهذه القصة الخرافية، ما كان لهؤلاء الأدباء أن يذكروها، وإذا ذكروها، كان عليهم أن يكذبوها لأنها لا يليق ذكرها في تاريخ العرب، ولا يليق وضعها على لسان الشاعر النمر بن تولب - بكسر اللام - الصحابي. وكان الأجدر بالبغدادي وهو الناقد الأدبي المجرب - أن ينفيها عن صاحبها وقد رأى أن الأبيات منقطعة عما قبلها، ولكن عدّ هذا نوعا من البديع سماه (الاقتضاب) فهذه الأبيات مصنوعة ومزادة على قصيدة النمر بن تولب، لأنها لا تجري مع سياق المعنى العام ولأنهم ذكروا أن النمر بن تولب عاش مئتي سنة، وخرف، وألقى على لسانه: انحروا للضيف أعطوا السائل، أصبحوا الراكب، فكان يقولها. قالوا: وألقى بعض البطّالين على لسانه «نيكوا الراكب» فكان يقولها. وهذا يعني أنه لم يكن يفهم ما يقول. وهم لم يعرفوا متى قال الشاعر هذه القصيدة، فلعله قالها في أواخر عمره عند ما خرف، وربما قال أحد البطالين هذه الأبيات وأنشدها أمام النمر، فزادها ورددها كما كان يعيد كل كلام يقال له. والأغلب، أن واحدا من صنّاع الشعر قالها، وزادها على القصيدة، أو أنها لم تكن من القصيدة فرآها الرواة مشابهة الوزن والقافية فألحقوها بها. ومن العجيب أن النحويين تلقفوا هذه الأبيات