وقوله: أحاد: معدول: واحد، وسداس: معدول، ستة. والمنوطة: المعلقة والتنادي: يريد يوم التنادي أي: يوم القيامة. يريد أن هذه الليلة قد طالت، وكأنها ست ليال.
والشاهد في البيت: أن «أم» فيه محتملة لأن تكون متصلة بتقدير الهمزة أي: أأحاد، ومحتملة أن تكون منقطعة بتقدير مبتدأ بعدها. ومع كثرة الشواهد على حذف الهمزة المعادلة، فإن النحويين مولعون بالقول: إنه شاذ، وما كانت شواهده كثيرة فلا شذوذ فيه، ويصحّ شعرا ونثرا، فتقول: زيد أبوك أم عمرو، على تقدير «أزيد».
وقد قلت: والشاهد في البيت مع أن أهل النحو لا يسمون هذا البيت شاهدا لأن المتنبي متأخر، لا يحتج بشعره عندهم. ولعمري: إنّ أبياته شواهد الشواهد، وقد أجبر النحاة على التمثيل بشعره، وشغلهم بأبياته السائرة. وما رأيت شاعرا متأخرا استشهد النحاة بشعره، كما استشهدوا بشعر المتنبي. وما رأيت شاعرا عني الناس بشعره
كما عنوا بشعر المتنبي، شرحا وتذوقا، وتمثيلا. وكان المتنبي شاعرا حقا عند ما كشف عن المستقبل فقال:
أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
وقد كتب البغدادي في «شرح أبيات المغني» عشر صفحات حول هذا البيت وبقي في الجعبة كثير مما لم يقله. وقال العكبري: قال الواحدي: قد أكثروا في معنى هذا البيت ولم ياتوا ببيان مفيد، ولو حكيت ما قالوا فيه لطال الكلام، رحم الله أبا الطيب: فقد ترك لنا شعرا، لا تفنى جدّته، ويبقى للقول فيه مجال مهما قال القائلون، وأكثروا. [شرح أبيات المغني/ ١/ ٢٦٥].
[١٧٢ - فما جمع ليغلب جمع قومي ... مقاومة ولا فرد لفرد]
البيت من قصيدة لعمرو بن معدي كرب الزبيدي الصحابي، افتخر فيها بقومه وقبائله من اليمن. والشاهد على أنّ «كان» محذوفة قبل لام الجحود، والتقدير: فما كان جمع ليغلب. وقيل: إنّ «ما» عاملة عمل ليس، والتقدير: فما جمع متأهلا لغلب قومي، ولا فرد غالبا لفرد قومي. [شرح أبيات المغني/ ٤/ ٢٨٤].
١٧٣ - أرأيت أيّ سوالف وخدود ... برزت لنا بين اللّوى فزرود