والشاهد فيه:«ربّه فتية» حيث دخلت ربّ على الضمير ... والضمير معرفة وربّ لا تجر إلا النكرات ... ولكن ابن هشام يرى أن الضمير هنا نكرة لأنه يعود على نكرة، وتعرب (فتية) تمييزا والتمييز لا يكون إلا نكرة .. ولكن الذي يرجّحه النحويون أن الضمير لا يكون إلا معرفة، ودخول ربّ عليه، شاذ. [الشذور/ ١٣٣، والأشموني/ ٢/ ٦٠، ٢٠٨، والهمع/ ٢/ ٢٧].
٦٧ - فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه ... يمرّ كخذروف الوليد المثقّب
.. البيت من قطعة لامرئ القيس، كان قد ساجل بها علقمة الفحل أمام امرأة اسمها أم جندب وتحاكما إليها في أن يصف كل واحد منهما فرسه بقصيدة. ومطلع قصيدة امرئ القيس:
خليليّ مرّا بي على أم جندب ... لنقضي حاجات الفؤاد المعذّب
.. يصف في البيت الأول فرسه بأنه أدرك الصيد من غير أن يجهد، وأنه كان سريعا سرعة تشبه خذروف الوليد. والخذروف: لعبة للصبيان يديرونها بخيط في أكفّهم فلا تكاد ترى لسرعة دورانها.
والشاهد في هذا البيت: قوله: «كخذروف الوليد المثقّب» فإن قوله «المثقب» نعت لقوله «خذروف الوليد». وهذا
النعت محلى بأل، والمنعوت مضاف إلى المحلى بأل، والنعت لا يجوز أن يكون أعرف من المنعوت، فدلنا ذلك على أن المحلى بأل ليس أعرف من المضاف إلى المحلى بأل، وثبت أن المضاف إلى معرفة يكون في رتبة هذه المعرفة. [شرح شذور الذهب/ ١٥٦].
٦٨ - نتج الربيع محاسنا ... ألقحنها غرّ السّحائب
هذا البيت لأبي فراس الحمداني، ويورد النحويون أشعار المولّدين للتمثيل لا للاحتجاج ... ومحل التمثيل:«ألقحنها غرّ السحائب»، حيث ألحق بالفعل ألقح نون النسوة، مع ظهور الفاعل «غرّ». وتخريج مثل هذا البيت أن نجعل نون النسوة علامة تأنيث، حرفا، وغرّ: فاعل. أو: نون النسوة هي الفاعل وغرّ: بدل منها. وهي التي يسمونها لغة «أكلوني البراغيث» وسيأتي لها شواهد كثيرة .. ، بل عليها شواهد من القرآن الكريم، ومنها حديث «يتعاقبون فيكم ملائكة».