٤٨ - كم عمّة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت عليّ عشاري
البيت للفرزدق، يهجو جريرا، وقوله: فدعاء: هي المرأة التي اعوجت إصبعها من كثرة حلبها، ويقال: الفدعاء، هي التي أصاب رجلها الفدع من كثرة مشيها وراء الإبل، والفدع: زيغ في القدم، بينها وبين الساق، عشاري: العشار: جمع عشراء، بضم العين وفتح الشين: وهي الناقة التي مضى عليها من وضعها عشرة أشهر.
والشاهد قوله:«عمة» حيث ذكره ابن عقيل شاهدا على وقوع المبتدأ نكرة بعد «كم» الخبرية، على رواية من رفع «عمة» وعلى هذا تعرب «كم» في محل نصب ظرفا متعلقا ب (حلبت) أو مفعولا مطلقا عامله «حلبت» وليس الأمر
كما قال، إذا روينا «عمة» بالرفع، وإنما المسوغ لمجيء المبتدأ نكرة، الوصف، فالجار والمجرور «لك» صفة ل عمّة.
والأقوى أن تعرب «كم» خبرية - في محل رفع مبتدأ - وعمة: تمييز مجرور، لأن الخبريّة تدل على الكثرة، والهجاء يتطلب ذلك. [سيبويه/ ١/ ٢٥٣، ٢٩٣، ٢٩٥، وشرح المفصل/ ٤/ ١٣٣، والعيني/ ١/ ٥٥٠، والهمع/ ١/ ٢٥٤، والأشموني/ ١/ ٢٠٧، وشرح أبيات المغني/ ٤/ ١٦٥، والخزانة/ ٦/ ٤٥٨].
٤٩ - إلى ملك ما أمّه من محارب ... أبوه ولا كانت كليب تصاهره
البيت للفرزدق يمدح الوليد بن عبد الملك، ومحارب: اسم قبيلة وكذلك «كليب».
والشاهد فيه:«أمه من محارب أبوه» حيث قدم الخبر، وهو جملة «ما أمه من محارب» على المبتدأ وهو قوله: «أبوه»، والتقدير: إلى ملك أبوه ليست أمه من محارب.
وفيه شاهد: بلاغي على التعقيد اللفظي الذي سببه التقديم والتأخير كقول الفرزدق أيضا، يمدح إبراهيم بن هشام المخزومي خال هشام بن عبد الملك:
وما مثله في الناس إلا مملكا ... أبو أّمه حّي أبوه يقاربه
والتقدير: وما مثله في الناس حّي يقاربه إلا مملكا، أبو أمه أبوه. [الخصائص/ ٢/ ٣٩٤، والهمع/ ١/ ١١٨، والعيني/ ١/ ٥٢٥، وشرح أبيات المغني/ ٣/ ٣٤].