ليس له قائل معروف، وهو شاهد على التوكيد اللفظي بتكرار أين، وأتاك، واحبس.
[الخزانة/ ٥/ ١٥٨، والهمع/ ٢/ ١١١، والأشموني/ ٢/ ٩٨].
١٦ - أطريفة بن العبد إنك جاهل ... أبساحة الملك الهمام تمرّس
ألق الصحيفة لا أبالك إنه ... يخشى عليك من الحباء النّقرس
الشعر للمتلمس يخاطب طرفة بن العبد، ويطلب منه أن يمزق الصحيفة التي أوهمه ملك الحيرة أنه كتب له فيها عطاء يأخذه من والي البحرين، فكان فيها الموت. وتمرس:
تحكك. والحباء: العطاء. والنقرس هنا: المكر والداهية.
وقوله: النقرس بالرفع: معناه العالم، ورفع النقرس، أراد: أنا العالم. يقال: رجل نقريس نطّيس. وقوله: لا أبالك: كلام جرى مجرى المثل، فإنك لا تنفي أباه في الحقيقة وإنما تخرجه مخرج الدعاء، أي: أنت عندي ممن يستحق أن يدعى عليه بفقد أبيه، فهو خبر في اللفظ دعاء في المعنى، وهو كلام جرى مجرى المثل. [شرح أبيات المغني ج ٢/ ٢٦٦].
١٧ - أبا حسن ما زرتكم مذ سنيّة ... من الدّهر إلا والزّجاجة تقلس
كريم إلى جنب الخوان وزوره ... يحيّا بأهلا مرحبا ثم يجلس
رواها ابن منظور عن أبي الجراح يقولها في أبي الحسن الكسائي. وقلس الإناء يقلس:
إذا فاض، وقلست الكأس: إذا قذفت بالشراب لشدة الامتلاء.
والشاهد: مذ سنيّة. رواها صاحب «الجمل» في النحو، «سنيّة» بالرفع؛ لأنّ الاسم بعد «مذ» يرفع إذا دلّ على الزمن الماضي. وفي «اللسان» جاءت مجرورة.
قلت: لم أعرف من أبو الجرّاح قائل البيتين، ويكثر ذكر «أبو الجراح العقيلي» و «أبو الجرّاح الأنفي» بين رواة الشعر. ويظهر من البيت الأول أنه يرمي الكسائي بشرب الخمر، فإن صحّ ما ظننته في تفسير البيت، فإن الشاعر كاذب؛ لأن الكسائي أبا الحسن النحوي المقرئ رجل موثوق، ولا يتهم بشرب الخمر، وإنما وصمه بذلك حاسدوه؛ لمكانته من الرشيد، كما شوّه صورته البصريون بسبب قصته المزعومة مع سيبويه في المسألة الزنبوريّة، ولو كان قد ابتلي بشيء مما ذكروا ما أظهره لجلّاسه وضيوفه، وكيف يظهر للناس شاربا الخمر وهو يجلس في المسجد يقرئ الناس القرآن. اه.