وما الذي يطربك من شيخ واقف في خربة وهو يبكي؟ أو ليس الذي أطربنا نحن أولى بأن يطرب له.
قال طليحة: فثقل عليه جانبي بعد ذلك» اه. [الخزانة/ ٩/ ٥١٤].
قلت: وعلى هذه القصة تعليقات وأسئلة؟
١ - قوله: كسرى، ولا نعلم من كسرى الذي كان في هذه القصة، فإن كسرى لقب، وليس اسما، وكان كسرى نفق في العهد النبوي، وتولى ابنه شيرويه.
فأيهما كان كسرى؟
٢ - قوله:«فتغنىّ المغني ... الخ بشعر عربي في حضرة كسرى. فهل كان يغني المغنون في بلاط كسرى بالعربية. وفي عيد من أعياد الفرس؟
٣ - طليحة الأسدي توفي سنة ٢١ هـ، وهو الذي قدم على النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة ٩ هـ وأسلم، ثم ارتد بعد رجوعه إلى موطنه. وعاد إلى الإسلام في زمن عمر، وشارك في معارك الفتح، واستشهد بنهاوند.
٤ - يبدو في القصة الفرق بين الذوق العربي في الغزل، والوقوف على الأطلال، والذوق الفارسي، أو الذوق المولّد في العصر العباسي الذي كان يهتم بالولدان.
٥ - ومهما كان من أمر هذه القصة، فهي قابلة للأخذ والردّ والنقد، وأترك للقارئ إعمال الفكر النقدي فيها.
[١٧٥ - وأوقدت ناري كي ليبصر ضوؤها ... وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله]
نسبوا البيت لحاتم الطائي، ونسب لأبي حية النميري، وهو بهذه الرواية ردّ على الكوفيين في زعمهم أن «كي» ناصبة دائما، فإنها لو كانت ناصبة، لما جاز الفصل بينها وبين الفعل ب «اللام»، وإنما هي هنا بمعنى «اللام»، وسهل
ذلك اختلاف اللفظين، والنصب إنما هو ب «أن» المضمرة بعد «اللام» مثل قول الطرماح:
كادوا بنصر تميم كي لتلحقهم ... فيهم فقد بلغوا الأمر الذي كادوا
وخلاصة ما قالوه: أنّ «كي» في مثل هذا الموضوع تكون جارة، و «اللام» بعدها