١٧٢ - ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا
وتدفن منه الصالحات وإن يسئ ... يكن ما أساء النار في رأس كبكبا
.. البيتان للأعشى .. وقوله: مجرّا، ومسحبا: مصدران ميميان، أو اسما مكان من الجرّ والسحب ... وكبكب: اسم جبل بمكة. والنار في رأس الجبل أظهر وأشهر ..
يقول: من اغترب عن قومه جرى عليه الظلم، فاحتمله لعدم ناصره، وأخفى الناس حسناته، وأظهروا سيئاته. والشاهد فيه نصب تدفن، على إضمار (أن) لأن جواب الشرط قبله، وإن كان خبرا، فإنه لا يقع إلا بوقوع الفعل الأول، فأشبه غير الموجب، فجاز النصب في مثل ما عطف عليه لذلك، وهذا تعليل لإحدى ثلاث حالات تجوز في العطف على جواب الشرط، وهو النصب، ويجوز الرفع على الاستئناف، والجزم على العطف.
[سيبويه/ ١/ ٤٩٩، واللسان (كبب)].
١٧٣ - تداركن حيّا من نمير بن عامر ... أسارى تسام الذّلّ قتلا ومحربا
.. البيت لعمرو بن أحمر، من باهلة، من قيس: يذكر أنّ خيله أدركت حيا من نمير، وهم من قيس أيضا، وقعوا أسرى، وسيموا الذل بالقتل والسلب، فاستنقذتهم الخيل من أيدي أعدائهم وفكت إسارهم، لأنهم إخوتهم.
والشاهد قوله «محربا» فهو مصدر ميمي للحرب، يجري مجراه، والحرب، بالتحريك، السلب، حربه يحربه حربا مثل، طلبه يطلبه طلبا. [سيبويه ١/ ١١٩].
١٧٤ - تركتني حين لا مال أعيش به ... وحين جنّ زمان الناس أو كلبا
.. البيت لأبي الطفيل عامر بن واثلة، يرثي ابنه الطفيل: وجنّ زمان: اشتد. وكذا كلب، وأصل الكلب داء يشبه الجنون، يأخذ الإنسان فيعقر الناس. والشاهد في البيت إضافة «حين» إلى «مال» مع إلغاء «لا» وزيادتها في اللفظ، على حد قولهم جئت بلا زاد .. ويجوز فيما بعدها الرفع على تشبيه «لا» بليس أو إهمال «لا» وعدم الاعتداد بالإضافة فيها. وجوّز أبو علي الفارسي وجها ثالثا هو البناء على الفتح مع عدم إعمال إضافة الحين كما تقول: جئت بخمسة عشر، فلا تعمل الباء. [سيبويه/ ١/ ٣٥٧، والهمع/ ١/ ٢١٨، والخزانة/ ٤/ ٣٩، ٤٠، ٥٠].
١٧٥ - عاود هراة وإن معمورها خربا ... وأسعد اليوم مشغوفا إذا طربا