إعراب فواتح السور على القول بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه. وحكى أن بعض المشايخ أعرب لتلميذ له البيت الشاهد فقال:«نعم» حرف جواب. ثم طلبا محل الشاهد في البيت فلم يجداه، فظهر لي حسن لغة كنانة في «نعم» الجوابية وهي «نعم» بكسر العين. يريد أننا لو أخذنا بلغة كنانة. ما حصل التباس في ذهن القارئ بين «نعم» واحد الأنعام، وبين «نعم» حرف الجواب. قال: وإنما «نعم» هنا واحد الأنعام، وهو خبر لمبتدأ محذوف، أي: هذه نعم».
ومعنى التلبب. لبس السلاح كله، والخميس الجيش. والنّعم: الإبل. أي: إذا قال الجيش: هذا نعم، فأغيروا عليه. ولفظ البيت يريد به الدوام والاستمرار. أي: أدام الله عليّ - لبس السلاح والغارة على أموال الناس. «وإذ» ظرف متعلق بالغارات. ومراده: لا يبعد الله عني. [شرح أبيات المغنى/ ٧/ ١٤٢].
١٢٨ - وأنت التي حبّبت شغبا إلى بدا ... إليّ وأوطاني بلاد سواهما
حللت بهذا حلّة ثم حلّة ... بهذا فطاب الواديان كلاهما
البيتان لكثير عزّة. أوردهما أبو تمام في الحماسة .. وشغب: بفتح الشين وسكون الغين ضيعة كانت في نواحي وادي القرى (العلا). و «بدا» مثلها.
وذكروا البيت الأول شاهدا على أن «إلى» في الشطر الأول تدلّ على الترتيب بمنزلة الفاء. والذي دعا إلى هذا الفهم أنه رتب الحلول والنزول في البيت الثاني ولم يجعل نزولها في المكانين في وقت واحد. وقال أيضا: حببت شغبا إلى بدا. ولم يقل «من شغب إلى بدا» لتدل «إلى» على الغاية والنهاية ثم إن حبه يدخل فيه وادي «بدا». ولو قلنا إنّ «إلى» بمعنى الغاية، يقف الحب عند بداية «بدا» لأنها النهاية. قالوا: وقد تكون «إلى» هنا، بمعنى «مع» وهو أقوى، والله أعلم. [شرح أبيات المغني/ ٤/ ٢٨].
١٢٩ - ولو أنها عصفورة لحسبتها ... مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما
البيت للعوّام بن شوذب من قصيدة، يقولها في يوم من أيام العرب في الجاهلية، وذكرها بعض الشراح في ديوان جرير، وهي ليست له. والشاعر يهجو خصومه بأنهم قد حلّ الرعب بهم حتى إنهم يظنون العصفورة خيلا مسوّمة. والعصفورة: الطير الصغير.