إمّا ترى رأسي حاكي لونه ... طرّة صبح تحت أذيال الدجا
واشتعل، المبيضّ في مسودّه ... مثل اشتعال النار في جزل الغضى
فكان كالليل البهيم حلّ في ... أرجائه ضوء صباح فانجلى
من مطلع مقصورة ابن دريد.
والشاهد في البيت الثالث وإنما ذكرت هذه الأبيات لجمال لفظها وعذوبة رونقها ومائها، وسهولة الترنمّ بها.
والشاهد: ذكره ابن هشام في المغني، مثالا لتعلق المجرور بالفعل وبشبهه. فقال:
وقد تقدر (في) الأولى متعلقة بالمبيض فيكون تعلق الجارين بالاسم. ولكن تعلق الثاني بالاشتعال يرجح تعلق الأول بفعله لأنه اسم لمعنى التشبيه، وقد يجوز تعلق «في» الثانية بكون محذوف حالا من النار ويبعده أن الأصل عدم الحذف.
وفيه شاهد آخر وهو انتصاب «مثل» على الحال، من ضمير مصدر الفعل والتقدير:
واشتعل الاشتعال. ويرى بعضهم إعراب «مثل» نعتا لمصدر محذوف تقديره: اشتعالا مثل اشتعال النار.
٦٤ - إنّ امرأ القيس جرى إلى مدى ... فاعتاقه حمامه دون المدى
من مقصورة ابن دريد. وجرى إلى مدى: إلى غاية، وهي طلب الملك، ويدل عليه قوله لصاحبه.
فقلت له لا تبك عينك إنّما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
واعتاقه: حبسه. والحمام: بالكسر: الموت، ودون المدى: أي: دون تلك الغاية وهي طلب الموت. والمدى: يكتب بالياء.
قال ابن هشام. فإن المتبادر، تعلق «إلى» ب «جرى» ولو كان كذلك، لكان الجري قد انتهى إلى ذلك المدى، وذلك مناقض لقوله:
«فاعتاقه حمامه دون المدى»
وإنما (إلى مدى) متعلق بكون خاص، منصوب على الحال، أي: طالبا إلى مدى