قال المرزوقي: لفظة «ويل» إذا أضيفت بغير اللام، فالوجه فيها النصب، تقول: ويل زيد، والمعنى: ألزم الله زيدا ويلا.
فإذا أضيفت باللام، فقيل: ويل لزيد، فحكمه أن يرفع، فيصير مع ما بعده جملة ابتدئ بها، وهي نكرة لأن معنى الدعاء منه مفهوم، والمعنى: الويل ثابت لزيد. وإذا كان حكم ويل هذا، وقد ارتفع في «ويلمّ لذّات الشباب» فمن الظاهر أن أصله، ويل لأمّ لذات الشباب، فحذف من أم الهمزة، واللام من ويل وقد أبقى حركة الهمزة على اللام الجارة فصار «ويلمّ».
وقصده إلى مدح الشباب وحمد أيامه ولذاته بين لذات المعايش، وقد طاع لصاحبه الكثر، وهو كثرة المال، فاجتمع الغنى، والشباب له، وهو سخي مبذر فيما يكسبه ذكرا جميلا.
وقال البغدادي: قوله «ويلمّ أيام» دعاء في معنى التعجب، أي: ما ألذّ الشباب مع الغنى. والفتى: السخي الكريم، والمتلف: المفرق لماله، والندي: السخيّ. وقوله: مع الكثر: في موضع النصب صفة لمعيشة، وجملة يعطاه: حال من الكثر، والمتلف، والندي: صفتان للفتى.
والشاهد:«معيشة». وهي تمييز عن النسبة الحاصلة بالإضافة. [الخزانة/ ٣/ ٢٧٩، والحماسة بشرح المرزوقي/ ١٢٠٢، واللسان «نجد»].
٨٦ - أو حرّة عيطل ثبجاء مجفرة ... دعائم الزّور نعمت زورق البلد
البيت للشاعر ذي الرّمة من قصيدة مدح بها بلال بن أبي بردة، والبيت من مقدمة يصف فيها الناقة. والشاهد:«نعمت زورق البلد»: على أنه قد يؤنث (نعم) لكون المخصوص بالمدح مؤنثا، وإن كان الفاعل مذكرا، وهو «زورق البلد» وقد شبه الناقة بالزورق، كما قيل:«الجمل سفينة الصحراء».
والحرّة: الكريمة، وأراد بها الناقة، والعطيل: الطويلة العنق، والثبجاء: الضخمة الصدر، أو عظيمة السنام، والمجفرة: العظيمة الجنب الواسعة الجوف، والجفر:
الوسط، والدعائم: القوائم، والزّور: أعلى الصدر ودعائم الزور: الضلوع، وكل ضلع، دعامة، وانتصب «دعائم» على التشبيه بالمفعول به، فهو من باب «الحسن الوجه»