باللفظ المفرد في البيت، ولذلك وقعوا في أخطاء كثيرة، وأساءوا إلى القصيدة العربية، لإشاعة فكرة أن البيت وحدة القصيدة وأنّ القصيدة، مفككة المعاني لاستقلال البيت بالمعنى.
وقوله: يشري: هنا بمعنى يبيع، وهو من الأضداد. والرحل: كل شيء يعدّ للرحيل من وعاء للمتاع، ومركب للبعير ورسن .. الخ. والملاط: بكسر الميم الجنب. ورخو الملاط: سهله وأملسه .. وصف بعيرا ضلّ عن صاحبه فيئس
منه، وجعل يبيع رحله، فبينما هو كذلك سمع مناديا يبشّر به، وإنما وصف ما ورد عليه من السرور بعد الأسف والحزن .. ومطلع المقطوعة:
وجدت بها وجد الذي ضلّ نضوه ... بمكة يوما والرّفاق نزول
والبيت شاهد على أن واو «هو» قد يحذف ضرورة، كما في البيت في قوله «فبيناه»، فإن الأصل: فبينا هو يشري.
١٤ - فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنّه ... سيرضيكما منها سنام وغاربه
.. البيت منسوب لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت .. والنجا: ما سلخته عن الشاة والبعير، يكتب بالألف لأنه من «نجا ينجو» والبيت شاهد على أن الفراء يجيز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، فإن النجاء والجلد مترادفان وقد تضايفا .. والظاهر أنه ليس كما قال الفرّاء، فالخطاب في قوله «انجوا» لضيفين طرقا الشاعر، فنحر لهما ناقة، فقالا: إنها مهزولة، فقال لهما: قشّرا عنها لحمها وشحمها كما يقشّر الجلد فإنها سمينة. وقوله: وغاربه: الغارب: ما بين السنام والعنق. يريد أن السنام والغارب، تجدان فيهما شحما ولحما. فقوله «نجا الجلد»، «النجا» هنا اسم مصدر بمعنى «النجو» منصوب على أنه مفعول مطلق وليس اسما للجلد. لأنه يقول: اقشرا عنها اللحم والشحم مثل قشر الجلد عن الجسم. [الأشموني ج ٢/ ٢٤٣، والخزانة ج ٤/ ٣٥٨].
١٥ - فهلّا أعدّوني لمثلي - تفاقدوا - ... إذا الخصم أبزى مائل الرأس أنكب
.. هذا البيت، من أبيات خمسة في الحماسة لبعض بني فقعس، أولها: