وهذه ليست من صفات المحبّ الصادق، وهو منافق كاذب؛ لأنه تمنى في مكان سابق أن تشمل الشام غارة شعواء في قوله:
كيف نومي على الفراش ولما ... تشمل الشام غارة شعواء
وكيف يتمنى محبّ لقومه أن تشمل الأرض التي بارك الله فيها وحولها، غارة شعواء؟! لقد خيب الله أمنيته، وبقيت الشام أرض خير، وسوف تبقى تردّ كيد الكائدين، إن شاء الله.
[٥٤ - تنادوا بالرحيل غدا ... وفي ترحالهم نفسي]
لم يعرف قائله، والشاهد: ب «الرحيل غدا» على أن جملة «الرحيل غدا» من المبتدأ والخبر محكية بقول محذوف عند البصريين، والتقدير: تنادوا بقولهم: الرحيل غدا، وعند الكوفيين محكية ب «تنادوا» فإنه يجوز عندهم الحكاية بما في معنى القول، فإنّ تنادوا معناه نادى كلّ منهم الآخر ورفع صوته بهذا اللفظ، وهو الرحيل غدا، وأجاز أبو علي فيها ثلاثة أوجه:
٥٥ - لما تذكرت بالدّيرين أرّقني ... صوت الدّجاج وقرع بالنّواقيس
البيت لجرير، والديران: موضع قرب دمشق. والبيت شاهد على أن الدجاج يقع على المذكر والمؤنث؛ لأنه إنما أراد هنا، صوت الديكة خاصة. وقال الأصمعي: أراد بالديرين، ديرا واحدا، وقال شارح ديوان جرير، يقول: أرقني انتظاري صوت الديك والنواقيس، وإنما يكون ذلك عند الصباح. [ديوان جرير/ ١٢٦، وشرح أبيات المغني/ ١ /