للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسرب القطا هل من يعير جناحه ... لعلّي إلى من قد هويت أطير؟

البيتان منسوبان للأحنف بن قيس، وهو عباسي، وينسبان أيضا إلى مجنون ليلى، قلت: والبيتان من أجمل وأرقّ

ما قال الشعراء، فهما نهر من العواطف الصادقة المتدفقة، ويدلّان على الرباط الوثيق الذي يجمع بين الأهل مهما تناءت المسافات، وشغلت الشواغل، وقد استعرت جناحي هذين البيتين، فحلقت بهما فوق الحدود، وتخطيت الحرّاس، إلى أن وصلت إلى أهلي حيث يقيمون في هذه الساعة (١/ ١ / ١٩٩٣ م) في سجن الأعداء.

والشاهد في البيت الثاني: استخدام «من» لغير العاقل، في قوله «هل من يعير جناحه» لإنزاله ما لا يعقل، بمنزلة من يعقل، حيث ناداه في أول البيت، وهل: حرف استفهام، من: اسم موصول: مبتدأ، وجملة «يعير» صلة الموصول والخبر محذوف، ومنهم من أعرب جملة (يعير) خبر المبتدأ، وكأنهم لمحوا في «من» معنى الاستفهام. [الهمع/ ١/ ٩١، والأشموني/ ١/ ١٥١، والعيني/ ١/ ٤٣١].

[٤٤ - ما الله موليك فضل فاحمدنه به ... فما لدى غيره نفع ولا ضرر]

البيت مجهول القائل، وقوله: ما: اسم موصول مبتدأ، الله: مبتدأ، و «موليك» خبر عن لفظ الجلالة، والجملة صلة موصول، وفضل: خبر عن «ما» الموصولة، ولدى: خبر مقدم، نفع: مبتدأ مؤخر.

والشاهد: «ما الله موليك» حيث حذف الضمير العائد على الاسم الموصول، لأنه منصوب بوصف (اسم فاعل) والأصل «موليكه». [شرح التصريح/ ١/ ١٤٥، والهمع/ ١/ ٨٩، والأشموني/ ١/ ١٧٠].

[٤٥ - ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر]

من الشواهد المجهولة القائل، وقوله: جنيتك: معناه: جنيت لك، ومثله في حذف اللام وإيصال الفعل إلى ما كان مجرورا، قوله تعالى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ [المطففين: ٣]، والْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس: ٣٩]، وأكمؤ: جمع كمء - بفتح الكاف - ويجمع الكمء على كمأة، أيضا، فيكون المفرد خاليا من التاء، وهي في جمعه، على عكس «تمر، وتمرة»، وهذا من نوادر اللغة، و «عساقل» جمع عسقول، بزنة

<<  <  ج: ص:  >  >>