ما بكاء الكبير بالأطلال ... وسؤالي وما يردّ سؤالي
وهو من الشواهد في باب اللام.
والبيت الشاهد، ثالث أبيات القصيدة. وجبيرة: اسم امرأة. ولات: بمعنى ليس. و «هنّا»:
بفتح الهاء وكسرها مع تشديد النون، اسم إشارة للقريب، وعند ابن مالك للبعيد، ومن لازم اسم الإشارة التعريف، وعدم إضافته إلى شيء، وقد ورد في الشعر كثيرا. «لات هنّا»، فقال أبو علي، الفارسي وابن مالك: إن «لات» هنا مهملة؛ لأنها لا يصح إعمالها في معرفة ومكان، وقالا: إذا دخلت «لات» على «هنّا»، كانت مهملة، وكانت «هنّا»،
منصوبة على الظرف، في موضع رفع على الخبر لمبتدأ بعدها، كما في البيت (هنّا ذكرى).
وقال الرضيّ: هنّا: في الأصل للمكان، وتستعار بعد «لات» للزمان، وأنه مضاف إلى جملة فعلية. وفي البيت الشاهد، جاء بعدها اسم مفرد، فقال البغدادي: إن «ذكرى»، مفعول مطلق عامله محذوف، أي: لات هنّا أذكر ذكرى جبيرة، فالجملة محذوفة، مع بقاء أثرها.
قلت: «هنّا» في البيت تحتمل المكانية والزمانية:
أما المكانية، فلأن البيت الشاهد جاء بعد قوله:
دمنة قفرة تعاورها الصي ... ف بريحين من صبا وشمال
فكأنه يقول: ليس في هذا المكان ذكرى جبيرة؛ لأن ما يدل على ذكراها فقد انمحى، أو ليس في هذا الموضع ذكرى جبيرة، يريد مكانه في مجلس الممدوح.
وأما الزمانية: إذا أراد ب «هنّا»، زمن الشيخوخة والكبر، إذا كان ينكر الحنين بعد الكبر، وذلك يتحقق بالزمان. ويقويه قوله في بقية البيت: أم من جاء منها ... الخ، فهو يقول: من الذي دلّ علينا خيالها في هذا الوقت؟ والحقيقة لا نعرفها إلا إذا التقينا الشاعر، وسألناه عن مراده. [الهمع/ ١/ ١٢٦، والخزانة/ ٤/ ١٩٨].
٥٤٣ - ملك الخورنق والسّدير ودانه ... ما بين حمير أهلها وأوال
البيت للنابغة الجعدي، يذكر بعض ملوك لخم أنه ملك الخورنق والسدير، وهما قصران بالعراق قرب الحيرة. ودانه: أي: أطاعه، والدين: الطاعة. وأوال: كغراب،