والشاهد:«كوني ... ذكريني»، على أنه جاء خبر كان جملة طلبية، والمعنى: كوني مذكرة بالمكارم. وعدوه من الشاذ؛ لأن فعل الأمر لا يقوم مقام الخبر في باب كان. وقد أوّلوه تأويلات منها: تقديره: كوني ممن أقول له: ذكريني، إذا سهوت، فجرى هذا على الحكاية، وقال آخر: يجوز أن يكون الخبر محذوفا، و «ذكريني» أمرا مستأنفا، أي: كوني بالمكارم مذكّرة، ذكريني.
قال أبو أحمد: وإذا صحت نسبة الشعر إلى جاهلي، فإنه لم يخرج عن حدّ الكلام العربي المستعمل، وربما لم يصل إلى النحويين شيء كثير منه، فعدّوه من الشواذ، أو الضرورات، وفي كلام أهل البادية اليوم، ممن لم يختلطوا بالحاضرة كثير من هذا التركيب، فهم يقولون لمن جاء بخبر لا يسرّ:«كنت بشرني بشيء يسرّ»، وقد يجعلون الماضي محل الأمر «كنت بشرتني ...». [الخزانة ج ٩/ ٦٦، والهمع ج ١/ ١١٣، والمغني وشرح أبياته ج ٧/ ٢٢٧، وشرح الحماسة للمرزوقي ج ٢/ ٦٥٧]، وفيه شاهد آخر على وقوع الأمر موضع الخبر.