٣٦٤، وشرح المفصل/ ٧/ ١٣٤].
٢٥ - وليل يقول الناس من ظلماته ... سواء صحيحات العيون وعورها
كأنّ لنا منه بيوتا حصينة ... مسوحا أعاليها وساجا كسورها
.. البيتان للشاعر مضرّس بن ربعيّ، وهو شاعر جاهلي ... والمسوح: جمع مسح، بالكسر، وهو نسيج من الشعر
الأسود، وتصنع منه غرائر كبار يجعل فيه التبن، والساج:
ضرب من الشجر، خشبه أسود. والساج: الطيلسان الأخضر. والكسور: جمع كسر بكسر الكاف، وهو أسفل شقّة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من يمينك ويسارك. شبه الشاعر الليل بالبيوت الحصينة، للتحصين بهول الظلام فإنه لا يقدر أحد أن يهجم على أحد، وأن العيون الصحيحة والعيون العور سواء في عدم رؤية شيء لتكاثف الظلام.
والشاهد في البيت الثاني أنّ مسوحا وساجا نعتان لقوله «بيوتا» وصحّ النعت بهما مع أنّ كلا منهما اسم جوهر، أي: جسم، لتأويلهما بالمشتق، فالأول (مسوحا) يؤول ب (سودا) والثاني (ساجا) ب (كثيفا) ورفع الأعالي والكسور ب (مسوح)، و (ساج)، لإقامتهما مقام (سود).
وأراد الشاعر أن أعلاه أشدّ ظلاما من جوانبه، لأن الإنسان إذا كان قائما في الظلام لا يكاد يرى شيئا، وإذا لطئ بالأرض فربّما رأى شيئا. وقوله: من ظلماته، من:
للتعليل، وسواء: خبر مقدم، وصحيحات: مبتدأ مؤخر، والجملة مقول القول. [الخزانة/ ٥/ ١٨].
٢٦ - أخو رغائب يعطيها ويسألها ... يأبى الظّلامة منه النّوفل الزّفر
.. هذا البيت من قصيدة للأعشى، أعشى بأهله، واسمه عامر بن الحارث، من أهل الجاهلية، يرثي بالقصيدة أخاه من أمه، المنتشر بن وهب الباهلي.
والأخ هنا بمعنى الملازم للشيء، والرغائب: جمع رغيبة، وهي العطايا الكثيرة، والرغائب: الأشياء التي يرغب فيها، والظّلامة: بالضم، ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذ منك، والنّوفل: البحر، والكثير العطاء والزّفر: الكثير الناصر والأهل والعدة.
والبيت شاهد أن «الزفر» هنا بمعنى السيد، وأنك إذا سميت به، منعته من الصرف ولا