خاطب صاحبيه وقد كانا عاهداه بأن يسعداه ببكائهما عند ربع أحبته فقال: وفاؤكما بإسعادي شبه للربيع ثم بيّن وجه الشبه بينهما بقوله: أشجاه طاسمه، يعني أن الربع إذا تقادم عهده فدرس، كان أشجى لزائره: أي: أبعث لشجوه وحزنه لأنه لا يتسلى به المحب كما يتسلى بالربع الواضح وكذلك الوفاء بالإسعاد إذا لم يكن بدمع ساجم أي:
هامل كان أبعث للحزن، فأراد: ابكيا معي بدمع ساجم، فإن الدمع أشفى للغليل إذا سجم كما أن الربع أشجى للمحب إذا عفا وطسم.
وقوله: بأن تسعدا: المصدر المجرور متعلق في المعنى بالوفاء لأنه أراد «وفاؤكما بأن تسعدا كالربع»، فلما فصل بينهما بأجنبي وجب عند النحويين تعليقه بمضمر، تقديره «وفيتما بأن تسعدا».
ووفاؤكما: مبتدأ. خبره كالربع. وفيه مجيء. الخبر عن اسم قبل أن تأتي مكملاته، وهو الجار والمجرور. [شرح أبيات المغني/ ٧/ ١٦٧].
يروى للمجنون صاحب ليلى ونعمان: بفتح النون. واد بين مكة والطائف والبيت شاهد على أن «أيا» ترد لنداء البعيد، وقد تستخدم لنداء القريب حكما، فالمحب عند ما ينادي ديار المحبوبة، يجعلها قريبة منه وإن كانت بعيدة عنه، وفي هذا البيت يستحضر الشاعر مواطن الأحبة، ويتمثلها أمامه بل هي موصولة بذكرياته الكامنة في قلبه. [شرح أبيات المغنى/ ١/ ٦٧. وشرح التصريح/ ١/ ١٥٢].
١٥٧ - ستعلم ليلى أيّ دين تداينت ... وأيّ غريم: في التقاضي غريمها
القائل مجهول. أنشده ابن هشام على أنّ الصواب في إنشاده نصب «أيّ» الأولى بتداينت على أنها مفعول به، أو على المفعولية المطلقة، والتقدير. أي تداين تداينت.