البيت لحسان بن ثابت، يقوله في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها.
والحصان: العفيفة. والرّزان، أي: ذات ثبات ووقار، وعفاف. ما تزنّ: بالبناء للمجهول، أي: ما تتهم. وغرثى: وصف المؤنث من «الغرث» بالتحريك وهو الجوع.
والغوافل: جمع غافلة، يعني أنها لا تغتاب أحدا.
والشاهد: مجيء هذه الصفات: حصان، رزان من غير «تاء» التأنيث، مع أنها جارية على مؤنث، بسبب كونها غير جارية على فعل، أي جارية مجرى النسب، بمعنى ذات حصان وذات رزان، وهذا رأي البصريين. أما الكوفيون فيرون أن حذف «التاء» إنما يكون لاختصاص المؤنث به. [الإنصاف/ ٧٥٩].
١٤٦ - إنّ الأمور إذا الأحداث دبّرها ... دون الشيوخ ترى في بعضها خللا
الأحداث: جمع حدث، وهو الشاب الفتيّ السن.
والشاهد:«إذا الأحداث دبّرها»، حيث جرد الفعل «دبرها» من «تاء» التأنيث، مع أن فاعله يعود إلى جمع تكسير، وجمع التكسير يصح أن ينظر إليه على أنه جمع، فيكون مذكرا ولو كان مفرده مؤنثا، وأن ينظر إليه على أنه جماعة، فيكون مؤنثا. ولو كان مفرده مذكرا، والوجهان جائزان في سعة الكلام. [الإنصاف/ ٤٨٧].
١٤٧ - ويلمّه رجلا تأبى به غبنا ... إذا تجرّد لا خال ولا بخل
البيت للمتنخل الهذلي، من قصيدة في ديوان الهذليين.
وقوله: ويلمه رجلا: كلمة يتعجب بها، ولا يراد بها الدعاء. والخال: المخيلة، أي:
الخيلاء. والبخل: بفتح الباء والخاء هنا، مثل البخل بضم فسكون.
والشاهد: و «يلمه»، فإن أصل الكلمة:«ويل أمه»، بهمزة قطع من أصول الكلمة، فحذفوا الهمزة بقصد التخفيف؛ لكثرة الاستعمال. ولذلك لا يقاس عليها فلا تحذف مثل:«ويل أبيه»، و «ويل أخته». والخطيب التبريزي يرى أن أصل «ويلمه»: «ويل لأمه»، فالمصدر مبتدأ، والجار والمجرور خبره، وقد حذف شيئان: اللام من «ويل»، والهمزة من «أم»، قال: لفظة «ويل» إذا أضيفت بغير اللام، فالوجه فيها النصب، فتقول:«ويل زيد»، والمعنى:«ألزم الله زيدا الويل». فإذا أضيفت باللام فقيل:«ويل لزيد»، فحكمه أن يرفع فيصير ما بعده جملة ابتدئ بها، وهي نكرة؛ لأن معنى الدعاء منه مفهوم، والمعنى: