للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان وفهم وذكاء وحزم. والحقّ أن كتب الأدب تقوّلت على أبي الأسود الأقاويل، وجعلته بطلا في كثير من قصصها الموضوعة. وقد نقل البغدادي في الخزانة (ج ٥/ ٣٣٠) عن كتاب «مساوئ الخمرة» لأبي القاسم عبد الرحمن السعدي المتوفى سنة ٥٥٥ هـ؛ أن أبا الأسود الدؤلي قال:

دع الخمر يشربها الغواة ... البيت.

فقيل له: فنبيذ الخمر؟ فقال:

فإلا يكنها أو تكنه .. البيت.

وعلى هذه الرواية، فلا تلبيس، ولا إباحة للنبيذ في البيتين. والله أعلم. [الإنصاف/ ٨٢٣، وسيبويه ١/ ٢١، وش

المفصل ٣/ ١١٧].

١٥٦ - ما بال جهلك بعد الحلم والدّين ... وقد علاك مشيب حين لا حين

البيت مطلع قصيدة لجرير هجا بها الفرزدق، والخطاب في البيت لنفسه. وبعد ظرف متعلق بجهلك. وحين: متعلق ب علاك. وجملة «وقد علاك مشيب» حال. والمشكل في البيت «حين لا حين» فقال سيبويه والرضيّ: إن «لا» زائدة لفظا ومعنى. وإنما أضاف الشاعر «حين» إلى «حين» لأنه قدّر أحدهما بمعنى التوقيت، فكأنه قال: حين وقت حدوثه ووجوبه.

ويجوز أن يكون المعنى: ما بال جهلك بعد الحلم والدين، حين لا حين جهل وصبا، فتكون «لا» لغوا في اللفظ، دون المعنى.

وقد رجح أبو علي الفارسي في «الحجة» أن تكون «لا» زائدة لفظا ومعنى، لأنك لو جعلت «لا» زائدة لفظا فقط، ونافية معنى، تكون قد نفيت ما أثبته قبلها .. وانظر تفصيلا أوسع في [الخزانة ٤/ ٤٧، وسيبويه ١/ ٣٥٨ والدرر ١/ ١٦٨].

١٥٧ - إذا حاولت في أسد فجورا ... فإنّي لست منك ولست منّ

وهم وردوا الجفار على تميم ... وهم أصحاب يوم عكاظ إنّ

البيتان للنابغة الذبياني. ويقول البيت الأول لعيينة بن حصن الفزاري وكان بنو عبس قد قتلوا نضلة الأسدي، وقتلت بنو أسد منهم رجلين، فأراد عيينة عون بني عبس، وأن يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>