للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت للفرزدق من قصيدة رثى بها بشر بن مروان ومطلعها:

أعينيّ إلا تسعداني ألمكما ... فما بعد بشر من عزاء ولا صبر

البيت من شواهد «المغني»، تحت عنوان «إنهم يعبرون بالفعل عن أمور»، ومنها «مشارفته» كما في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ [البقرة: ٢٤٠]، أي: والذين يشارفون الموت وترك الأزواج، يوصون وصية، وذكر هذا البيت، ومعناه: كادت الراسيات تزول أو أرادت أن تزول. [شرح أبيات مغني اللبيب/ ٨/ ٩٠].

١٨٥ - أصبح مني الشباب مبتكرا ... إن ينأ منّي فقد ثوى عصرا

فارقنا قبل أن نفارقه ... لمّا قضى من جماعنا وطرا

البيتان للربيع بن ضبع الفزاري، من مقطوعة في نوادر أبي زيد. وقوله: مبتكرا، أي:

سافر في بكرة النهار: يعني: قد استمتعت بالشباب وتلذذت به مدّة، فإن ذهب عني فلا عجب، وقوله: من جماعنا: الجماع: الاجتماع والعشرة، وهذه اللفظة بحسب عرف هذه الأزمان قبيحة، قال هذا، عبد القادر البغدادي، المتوفى سنة ١٠٩٣ هـ، أي: منذ ثلاثة قرون ومنها تعرف أطوار المعاني التي تكتسبها الكلمة مع مرور الأعصر، بل بسبب التباعد بين الفصيح ولغة المجتمع، ولو قلت في أيامنا «حصل بين فلان وفلان جماع» لكان هذا التعبير محلّ استهجان، ومثلها في أيامنا كلمة «العرصة» في اللهجة الدارجة الشامية، وكلمة «علق».

والشاهد في البيت الثاني: أنّ الفعل «فارق» لا يراد به هنا وقوعه وإنما يراد به إرادة المفارقة. [شرح أبيات مغني

اللبيب/ ٨/ ٩٠].

١٨٦ - فتولّى غلامهم ثم نادى ... أظليما أصيدكم أم حمارا

ليس للبيت قائل معروف، والظليم: الذكر من النعام، والحمار: العير الأهلي والوحشي.

والشاهد فيه: أصيدكم، وأصله «أصيدلكم» فحذفت اللام، واتصل الضمير بالفعل، فصار منصوبا بعد أن كان مجرورا، قال الأزهري في التهذيب: «صدت فلانا صيدا، إذا صدته له»، كقولك: بغيته حاجة، أي: بغيتها له. [شرح أبيات المغني/ ٤/ ٣٢٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>