الجبناء. وقد ضربوا به المثل بالوفاء؛ لأنه أسلم ابنه حتى قتل ولم يخن أمانته في أدراع أودعها عنده امرؤ القيس. وهذه قصة لم تثبت، وإن ثبتت، فإنه يكون قد رفض تسليم الدروع طمعا فيها؛ لأنه علم بموت امريء القيس، فقتل ابنه من أجل دروع.
فإن كان يهوديا عرقا، فإنه لا يعرف إلا الغدر؛ لأنه من نسل إخوة يوسف، الذين غدروا بأخيهم الأصغر ورموه في البئر، وجلّ بني إسرائيل واليهود من نسل هؤلاء الغادرين، وقلة قليلة جدا من غيرهم، إما أنهم تنصروا، أو أسلموا وتركوا دين بني إسرائيل؛ لأنه يصيبهم بمعرّة، وإن كان عربيا تهوّد، فهو كذلك يكون غادرا، لأنهم يعلمون أبناءهم الغدر، ولا يعيشون إلا به، فيكون اكتسب الغدر بالتربية. [المرزوقي ص ١١١، والهمع ج ١/ ٦٣].
٣٨٤ - أنا جدّا جدّا ولهوك يزدا ... د إذن ما إلى اتفاق سبيل
الكلام غير منسوب، وهو في الهمع ج ١/ ١٩٢. قال السيوطي: من المواضع التي يجب فيها حذف عامل المصدر، ما وقع في توبيخ سواء كان مع استفهام، أم دونه.
ومنها ما وقع تفصيل عاقبة طلب أو خبر. ومنها ما وقع نائبا عن خبر اسم عين بالتكرير.
وذكر البيت شاهدا للتكرير، قال: والتقدير: أجدّ جدا.
٣٨٥ - فلا وأبيك خير منك إنّي ... ليؤذيني التحمحم والصهيل
البيت منسوب لشاعر جاهلي، اسمه شمير بن الحارث الضبي، وقيل: سمير بالسين، والبيت من قطعة نقلها البغدادي عن نوادر أبي زيد، وفيها يذكر الشاعر الخيل، ويذكر حبّه له ورغبته في اقتنائه.
وقوله:«فلا وأبيك». «الكاف»: مكسورة، خطاب لامرأة لامته على حبّ الخيل، و «لا»: نفي لما زعمته المرأة. والواو: للقسم. وجملة:«إني ليؤذيني»: جوابا لقسم، ومعناه: يؤذيني وليس هو لي ملك، أو يؤذيني فقد التحمحم. والتحمحم: صوت الفرس إذا طلب العلف. والصهيل: صوته مطلقا.
والبيت شاهد على أن «خير» بالجر، بدل من «أبيك»، بتقدير الموصوف، أي: رجل خير منك، وهذا البدل، بدل كلّ من كلّ، ومع اعتبار الموصوف، يكون الإبدال جاريا على القاعدة، وهي أنه إذا كان البدل نكرة من معرفة، يجب وصفها، كقوله تعالى: