من شواهد سيبويه. يقول: أسير بالنهار ولا أستطيع سرى الليل. والإدلاج: سير الليل كله. والشاهد: نهر، إذ بناه على فعل وهو يريد النسب لا المبالغة. [سيبويه/ ٢/ ٩١، والأشموني/ ٤/ ٢٠١، واللسان (ليل)، (نهر)].
[٣٩ - يا سارق الليلة أهل الدار]
هذا رجز لا يعرف قائله. والشاهد فيه: جعل الليلة مسروقة، فالليلة مفعول مضاف وذلك على التوسع، وقد استشهد به الرضي على أنه قد يتوسع في الظروف المتصرفة - التي ترفع وتنصب وتجر - فيضاف إليها المصدر والصفة المشتقة منه، فإن الليلة ظرف متصرف، وقد أضيف إليه «سارق» وهو وصف، أي «مشتق» وقد وقع هذا في كتاب سيبويه وأورده الفرّاء أيضا في تفسيره عند قوله تعالى: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ. [إبراهيم: ٤٧].، وقال: أضاف سارق إلى الليلة ونصب أهل، وكان بعض النحويين ينصب الليلة ويخفض أهل فيقول «يا سارق الليلة أهل الدار»، وقال ابن خروف: أهل الدار منصوب بإسقاط الجار، ومفعوله الأول محذوف، والمعنى: يا سارق الليلة لأهل الدار متاعا، فسارق: متعد لثلاثة مفاعيل، أحدها الليلة على السعة، والثاني: بعد إسقاط حرف الجرّ، والثالث: مفعول حقيقي، وجميع الأفعال متعديها ولازمها يتعدى إلى الأزمنة والأمكنة، قال البغدادي: وفي كلام ابن خروف نظر: فإن أهل اللغة نقلوا أن «سرق» يتعدى بنفسه إلى مفعولين، قال صاحب المصباح وغيره:
سرقه مالا يسرقه من باب ضرب، وسرق منه مالا، يتعدى إلى الأول بنفسه وبالحرف على الزيادة، فجعل «من» في المثال الثاني زائدة، فالصواب أن «الليلة» هو المفعول الأول، وأهل الدار بدل منها، فيقتضي أن يكون منصوبا بسارق آخر، لأن البدل على نية تكرار العامل، والمفعول الثاني حذف لإرادة التعميم، أي: متاعا ونحوه. [الخزانة/ ٣/ ١٠٨، وسيبويه/ ١/ ٨٩، ٩٩، وشرح المفصل/ ٢/ ٤٥، ٤٦، وأمالي ابن الشجري/ ٢/ ٢٥٠].
٤٠ - أعوذ بربّ العرش من فئة بغت ... عليّ فمالي عوض إلّاه ناصر
البيت لم يسمّ قائله، وعوض: ظرف يستغرق الزمان المستقبل مثل «أبدا» إلا أنه يختصّ بالنفي، وهو مبني على الضمّ، والشاهد قوله:«إلّاه»، إلا: حرف استثناء، والهاء: ضمير يعود إلى ربّ العرش، مستثنى، ووقوع الضمير المتصل بعد «إلا» لا يجوز