والشاهد:«من نفر» وهو المستغاث من أجله. قال الأشموني: قد يجرّ المستغاث من أجله بمن. فقال الصبّان: إذا كان مستنصرا عليه، كما في البيت. لأن النفر، المستغاث من أجلهم يطلب الشاعر الاستنصار عليهم لأنهم أشرار. أما المستغاث له، الذي نستنصر من أجل إعانتهم، فلا يجرّ إلا باللام المكسورة. و «من» التي يجربها المستغاث من أجله، تكون سببية، وتعلق بفعل الدعاء، أو بفعل مفهوم. [الأشموني ج ٣/ ١٦٥، والعيني على حاشيته. والهمع ج ١/ ١٨٠].
والشاهد (والخير منه) وهو مشكل: فاسم التفضيل لا يستعمل إلا بمن إذا كان نكرة، فإذا عرّف أو أضيف خلا من «من» الجارة، وقد خرجوه على أن (ال) زائدة، و «من» في «منه» تفضلية. ويجوز أن يقدّر «أفعل» آخر عاريا من اللام - يتعلق به «من» والتقدير:
«والخير خيرا منه».
قال أبو أحمد: إن النحويين قد استعجلوا في إصدار الأحكام وتعميم القواعد، ولم يكن استقراؤهم النصوص كاملا، أو أنهم استقرؤوا ما وصل إليهم فظنوا أنه كلّ ما قالته العرب، فإذا جاءتهم بعد ذلك نصوص تخالف قواعدهم عزّ عليهم أن يرجعوا عنها، وأخذوا يؤولون ما يجدونه. وقد مضى معنا في هذا الحرف بيت الشاعر:
وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة ... ... فادعينا
فجلّى، فعلى مؤنث أجلّ، وهو نكرة. ولم يقترن ب (من) فأولوه ليناسب القاعدة والبيت الشاهد: خالف القاعدة وجاء اسم التفضيل معرفا مقرونا بأل، فأوّلوه أيضا.
قلت: ولماذا لا يكون قول عمرو صحيحا، إذا صحت نسبته إليه، وبه نقول بجواز