والبساط: بفتح «الباء»، الأرض الواسعة. وقوله: يرى الربع منه: يعني بالربع، الحزن، ممن هو مقيم بصول. والبيت من شواهد الكوفيين على إبطال قول البصريين في «أفعل» في التعجب، فالبصريون يرون أنه فعل في قولنا: ما أجمل السماء! فأجمل: فعل ماض تحمل ضميرا، والسماء: مفعوله، والتقدير عندهم: شيء جمّل السماء، وهو المذهب الذي أخذ به العرب اليوم في التعليم. وأما الكوفيون، فيرون أنّ «أفعل» التعجب اسم مبني على الفتح، قال الكوفيون: ولو كان التقدير كما زعم البصريون، لكان التقدير في قولنا:«ما أعظم الله»، شيء أعظم الله، وهذا باطل؛ لأن الله عظيم لا بجعل جاعل، واستشهد الكوفيون بالبيت. وكل تخريجات البصريين التي نقضوا بها أقوال الكوفيين يمكن قبولها، إلا في هذا الموطن، فقد أمسك الكوفيون البصريين من مقتل، وأوقعوهم في حيص بيص، فأخذوا يأتون بالتأويلات الخاصة بعبارات التعجب من صفات الله خاصة، فقال البصريون: معنى قولهم: «شيء أعظم الله» أي: وصفه بالعظمة، كما يقول الرجل إذا سمع الأذان: كبّرت كبيرا، وعظمت عظيما، أي: وصفته بالكبرياء والعظمة، لا صيّرته عظيما، فما يقدّر في حال المخلوقين، ليس هو الذي يقدّر في حال الخالق. وتأويلات البصريين في رأيي غير مقنعة؛ لأن العرب لم يخصوا آلهتهم بشيء من لغتهم، وفي الإسلام اشترك الخالق والمخلوق في الألفاظ، وكان الفرق فقط في الكيفية، فالله يسمع، والمخلوق يسمع، ولكن سمع الخالق لا تعرف له هيئة، والله له يد، والعبد له يد، ولكن يد الله لا يمكن تصورها، وهكذا، والتقدير في مسألة التعجب، لا تشابه هذا التأويل؛ لأنها جعلت تقديرا للتعجب من صفات الخالق، وتقديرا للتعجب في صفات المخلوق، وهذا يوجد الالتباس عند الذين يأخذون العربية بالتعليم لا بالسليقة. [الإنصاف/ ١٢٨].
١١٧ - ألا فتى من بني ذبيان يحملني ... وليس حاملني إلا ابن حمّال
رواه المبرد في الكامل، وقال: أنشدنا أبو محلم السعدي. ألا: أداة عرض، فتى:
منصوب لفعل محذوف تقديره:(ألا ترونني فتى). يحملني: أراد: يعطيني دابة تحملني إلى المكان الذي أقصده.
و (حمّال): صيغة مبالغة، لحامل.
والشاهد:«حاملني»، حيث لحقت «نون الوقاية» الاسم عند الإضافة إلى «ياء» المتكلم، وذلك شاذ؛ لأن هذه «النون» من خصائص الأفعال؛ لتقي آخر الفعل من الكسر. [الإنصاف/ ١٢٩، والخزانة/ ١١/ ٢٩٤].