فإني لألقى من ذوي الضّغن منهم ... بلا عثرة والنفس لا بدّ عاثره
كما لقيت ذات الصّفا من حليفها ... وكانت تديه المال غبّا وظاهره
فلما رأى .. البيت.
أكبّ على فأس يحدّ غرابها ... مذكّرة من المعاول باتره
... وتقول القصة إن أخوين كانا يرعيان بواد فيه حيّة، فقتلت الحيّة أحدهما، فجاء الثاني ليقتلها، فعرضت عليه أن يتركها وتعطيه في كل يوم دينارا وتتركه يرعى، فأعطاها الميثاق على ذلك، فلما كثر ماله، تذكّر أخاه، وأعدّ فأسا لقتلها، فأهوى عليها ولكنه أخطأها، فقطعت عنه ما اتفقا عليه فعاد إليها يطلب الصلح فقالت: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك، وأنت ترى قبر أخيك وأنت فاجر لا تبالي بالعهد.
والشاهد في البيت الأول: أنّ الفراء وابن الأنباري جوّزا وقوع أن المصدرية بعد فعل علم غير مؤول بالظنّ كما في البيت، فإن رأى فيه علميّة، ويجوز أن تكون «أن» في البيت مخففة من غير فصل بينها وبين «ثمّر» على الشذوذ، فأن وما بعدها في تأويل مصدر سادّ مسدّ مفعولي رأى، إلا أنها في القول الثاني مخففة واسمها ضمير شأن محذوف، وجملة «ثمّر الله» خبرها. [الخزانة/ ٨/ ٤١٤].
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إذن للام ذوو أحسابها عمرا
هذان البيتان من قصيدة للفرزدق هجا بها عمر بن هبيرة الغطفاني أحد عمال سليمان بن عبد الملك.
والشاهد: في البيت الثاني قوله «لا ذنوب لها» على أنّ «لا» هنا زائدة، مع أنّ النكرة بعدها مبنيّة معها على الفتح، والمعنى: لو لم تكن ذنوب لغطفان، أي: لو كانت غطفان غير مسيئة إليّ، للام أشرافها عمر بن هبيرة في تعرّضه إلي ومنعوه عنّي. [الخزانة/ ٤/ ٣٠].
١٢ - أو راعيان لبعران شردن لنا ... كي لا يحسّان من بعراننا أثرا
.. من أبيات الشواهد التي يتناقلها العلماء بدون عزو، وهو شاهد أن «كي» فيه بمعنى «كيف» أو أن أصلها كيف، فحذفت الفاء لضرورة الشعر. [الخزانة/ ٧/ ١٠٢].