بني أسد من حلف ذبيان، فأبى عليه النابغة ذلك وتوعده بهم. وأراد بالفجور، نقض الحلف.
وفي البيت الثاني يمدح بني أسد ويذكر فعالهم. والجفار: موضع كانت فيه وقعة لبني أسد على بني تميم، ففخر لهم بذلك على عيينة بن حصن الفزاري. والبيتان أنشدهما سيبويه في باب «ما يحذف من الأسماء من الياءات في الوقف التي لا تذهب في الوصل «ولا يلحقها تنوين» يقول: إنه سمع ممن يرويه عن العرب الموثوق بهم، أنهم يحذفون الياء من «منّ» في الوقف، ومن «إنّ» وأصلها: منّي، وإنّي ومنه قراءة «فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ» ورَبِّي أَهانَنِ [الفجر: ١٥، ١٦] على الوقف [سيبويه ٤/ ١٨٦، هارون].
١٥٨ - من اجلك يا التي تيّمت قلبي ... وأنت بخيلة بالودّ عنّي
البيت لا يعرف قائله، وليس له سابق، ولا لاحق، وقوله «من اجلك» يقرأ بنقل فتحة ألف «أجلك» إلى نون «من»
وقوله: من اجلك: علة معلولها محذوف، أي: من أجلك قاسيت ما قاسيت، أو خبر مبتدأ محذوف أي: من أجلك مقاساتي. وجملة: أنت بخيلة، حال، عاملها «تيّمت». وقوله «عني» أي: عليّ، من نيابة الحرف عن الحرف.
والشاهد: نداء ما فيه «أل» وهو «التي» تشبيها بقولهم: «يا الله». وقيل: هو على الحذف، والتقدير، يا أيتها التي تيمت قلبي. فحذف، وأقام النعت مقام المنعوت [سيبويه ٢/ ١٩٧، هارون، والخزانة ٢/ ٢٩٣ وشرح المفصل ٢/ ٨، والهمع ١/ ١٧٤].
١٥٩ - ولي نفس أقول لها إذا ما ... تنازعني لعلّي أو عساني
البيت لعمران بن حطّان، أحد رؤوس الخوارج، وهو من التابعين، خرّج له البخاري وأبو داود. وقالوا: إنما خرج البخاري عنه ما حدّث به قبل أن يبتدع. واعتذر أبو داود عن التخريج بأن الخوارج أصح أهل الأهواء حديثا عن قتادة. قلت: وربّما خرّجا له، لأن الخوارج يرون الكذب من الكبائر التي تخلّد في النار.
ويقول في البيت: إذا نازعتني نفسي في حملها على ما هو أصلح لها أقول لها:
طاوعيني لعلي أجد المراد والظفر. أو قلت لها: لعلي أفعل هذا الذي تدعوني إليه، فإذا قلت لها هذا القول طاوعتني.
والشاهد: عساني. استدل به سيبويه على كون الضمير وهو الياء منصوبا بلحوق نون