الإضراب عاطفة ما بعدها على ما قبلها، كما يكون ما بعد «بل». وفي المسألة خلاف.
فانظر. [كتاب سيبويه ج ١/ ٤٨٧، وشرح المفصل ج ٤/ ١٨، وج ٨/ ١٥٣، والهمع ج ٢/ ٧٧، ١٣٣].
قصّة ونقدها: نقل البغدادي في خزانته عن صاحب الأغاني قال: «مرّ رجل من مزينة على باب رجل من الأنصار، وكان يتّهم بامرأته، فلما حاذى بابه تنفّس ثم تمثل:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم ... أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم
فعلق الأنصاريّ به، فرفعه إلى عمر بن الخطاب، فاستعداه عليه، فقال له المتمثل:
وما عليّ إذا أنشدت بيت شعر؟ فقال له عمر: مالك لم تنشده قبل أن تبلغ إلى بابه؟
ولكنك عرضت به، مع ما تعلمه من القالة فيك. ثم أمر به فضرب عشرين سوطا» قلت:
القصة فيها رائحة الوضع، للأسباب التالية.
١ - لأن أبا الفرج صاحب الأغاني كاذب ولا تحمل أخباره محمل الجدّ.
٢ - والقصة مروية عن العباس بن هشام عن أبيه: وأظنه يريد العباس بن هشام ابن عروة بن الزبير. وسند هشام إلى عهد عمر بن الخطاب منقطع، لأن جدهم عروة لم يرو عن أبيه الزبير المتوفى سنة ٣٦ هـ، فكيف يروي هشام عن عمر بن الخطاب المتوفى سنة ٢٣ هـ.
٣ - في القصة أن الرجل المنشد متهم بامرأة الأنصاري: وهذا سبب علوقه به. ولكن الإمساك بالرجل لهذا السبب يجعل الزوج يتهم زوجته ويرميها بالزنى، بغير دليل: وهنا يستحق الزوج الجلد وليس المنشد. وإذا كان الزوج مثبتا التهمة على زوجه، فكيف يبقيها عنده؟
٤ - وقول عمر «مع ما تعلم من القالة فيك» كأنّه يعيد ما يقوله الناس، وهذا لا يكون من عمر بن الخطاب لأنّ إعادة ما يقوله الناس من نوع إشاعة الفاحشة في المسلمين.
وهذا منهيّ عنه، فكيف يفعله عمر.
٥ - المشهور في القصص التي تروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حكمه على أهل الريب، أنه كان يغرّبهم. فلماذا اكتفى بجلد الرجل عشرين. مع وصول أقوال الناس إلى عمر.