للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكر همدان ونصرهم إياه .. وفيها يقول:

ولما رأيت الخيل ترجم بالقنا ... نواصيّها حمر النحور دوامي

ونادى ابن هند في الكلاع وحمير ... وكندة في لخم وحيّ جذام

تيممت همدان ... ... ...

فخاضوا لظاها واستطاروا شرارها ... وكانوا لدى الهيجا كشرب مدام

فلو كنت بوّابا على باب جنّة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

قلت: وفي هذه الأبيات ما يدفع نسبتها إلى الإمام علي رضي الله عنه. منها: أن الأبيات ليس لها سند يوصلها إلى الإمام عليّ، وهي مرويّة في كتب المتأخرين ومنها:

قوله: ونادى ابن هند. ومعاوية ينسب إلى أبي سفيان، وإضافته إلى هند أمه، كأنه يعيره بها، لكونها شجعت على قتل حمزة، وأكلت من كبده، كما رووا ولكن هندا، أسلمت، وبايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وعليّ بن أبي

طالب كان تقيّا عفيفا لا يكون منه، تعيير مسلم بماضيه قبل إسلامه، فالظاهر، بل المحقق أن كلّ من أسلم في العهد النبويّ، حسن إسلامه، ولم يبق في قلبه شيء من كفر.

ومنها: قوله: ونادى ابن هند في الكلاع .. الخ وتيممت همدان: وهذا معناه أن الحرب كانت عصبية قبلية. وجعل عليّ همدان جنّته وسهامه. الخ وعليّ لا يقول هذا لأنه كان يرى أن الحرب كانت في سبيل الحقّ، لا دفاعا عن شخصه، وإذا أيدّت همدان عليا، فإنما تدافع عن الحقّ الذي يمثله عليّ في رأيها.

ومنها قوله (وكانوا لدى الهيجا كشرب مدام) فالشّرب: جماعة الشاربين. والمدام الخمر، وكأنه يجعلهم في الحرب، منتشين كشاربي الخمر. والإمام عليّ لن يقول هذا لأن فيه مدحا للخمر.

ومنها قوله: فلو كنت بوابا على باب جنة. الخ: وهذا لا يملكه الإمام عليّ، لأن دخول الجنة بأمر الله تعالى. ولو فرضنا أنه يقول هذا لمن قتل معه، باعتباره شهيدا، فهل يملك هذا لمن بقي منهم بعد المعركة. وكأنه ساوى بين أهل صفين وأهل بدر.

وهذا لم يقل به أحد. هذا، وقد شدّد البغدادي النكير على من طعن في نسبة الأشعار إلى عليّ بن أبي طالب مع كثرة ما روي له منها حتى كانت ديوانا. وقال: وأنا أعجب من

<<  <  ج: ص:  >  >>