حديث في عقوق ابنه منازل (الإصابة ٧٠٠٩) .. ولفرعان أخ يسمى منازل أيضا، ومن عجب أن يروي له الآمدي في «المؤتلف» شعرا يذكر فيه عقوق ابنه له، لكن هذا الشعر رواه أبو رياش منسوبا إلى منازل بن فرعان بن الأعرف يشكو فيه عقوق ابنه المسمى «خليج» .. فكأنّ هذه الأسرة عريقة في أن يعقّ الولد منهم أباه .. وقد ذكرت لك ذلك، لتحذر من عقوق الوالدين فإنه دين عليك إذا فعلته، ولعله يصبح فيما بعد وراثة في دم الأسرة كلها .. فكما أنّ البرّ، والحنان يورثان، فكذلك العقوق، وقد قرأت أن من حكمة الإسلام في طلب المال الحلال، لأنّ ذلك يرضعه الأطفال مع لبان أمهاتهم ... والله أعلم. ومما قاله أبو منازل في الشكوى من عقوق ابنه منازل:
جزت رحم بيني وبين منازل ... جزاء كما يستنزل الدّين طالبه
تربّيته حتى إذا عاد شيظما ... يكاد يساوي غارب الفحل غاربه
تغمّط حقي ظالما ولوى يدي ... لوى يده الله الذي هو غالبه
وكان له عندي إذا جاع أو بكى ... من الزاد أحلى زادنا وأطايبه
وربيته ... (والشاهد) ...
وجمّعتها دهما جلادا كأنّها ... أشاء نخيل لم تقطّع جوانبه
فأخرجني منها سليبا كأنّني ... حسام يمان فارقته مضاربه
[أنظر الأبيات في الحماسة، شرح المرزوقي ج ٣/ ١٤٤٥].
.. وقوله في الشاهد:«واستغنى عن المسح شاربه»: كناية عن أنه كبر، واكتفى بنفسه ولم تعد به حاجة إلى الخدمة ..
والشاهد في البيت:«تركته أخا القوم ..» حيث نصب ب (ترك) مفعولين لأنه في معنى فعل التصيير .. ويرى التبريزي في شرحه أنّ «أخا القوم» حال، وسوغ مجيء الحال مضافا إلى المعرف بأل، (القوم) لأنه لا يعني قوما بأعيانهم، وإنما عنى أنه تركه قويا مستغنيا لاحقا بالرجال، فإذا كان كذلك فلا شاهد في البيت .. والذوق لا يرفض رأي التبريزي، كما لا يرفض رأي جمهور النحاة. [الإصابة ٧٠٠٩ /، والهمع ج ١/ ١٥٠، والأشموني ج ٢/ ٢٥، والمرزوقي ١٤٤٥].