للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر. وهذا استهزاء به، أي: ترفق في تهددنا وإيعادنا ولا تبالغ فيهما، متى كنا لأمك خدما حتى نهتم بتهديدك ووعيدك إيانا «ورويدا»: بالتنوين أحد استعمالات لفظ «رويد» ويعرب هنا مفعولا مطلقا منصوبا ناب عن فعله «أرود» والمشكل في البيت؛ كلمة «مقتوين» وإعرابه هنا خبر كان منصوب ولكن الإشكال في لفظه، فروي بكسر الواو، وفتحها. فقالوا: إن مقتوين جمع مقتويّ، بياء النسبة المشددة، فلما جمع جمع تصحيح حذفت ياء النسبة

والمقتويّ: بفتح الميم، نسبة إلى «المقتى، بفتح الميم، فقلبت الألف واوا في النسبة، كما تقول: معلوي، في النسبة إلى «معلى» والمقتى: مصدر ميمي قال الجوهري: القتو: الخدمة، وقد قتوت أقتو قتوا، ومقتى، أي: خدمت مثل غزوت أغزو غزوا ومغزى. ويقال للخادم «مقتويّ، بفتح الميم وتشديد الياء، كأنه منسوب إلى المقتى، ويجوز تخفيف ياء النسبة كما قال الشاعر «مقتوينا» وكان قياسه أن يقول:

«مقتويّون» كما اذا جمع «بصريّ وكوفي قيل: كوفيّون، وبصريّون».

وهناك رواية في الصحاح تجعل «مقتوين»، بكسر الواو بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمؤنث والمذكر: قال: وهم الذين يعملون للناس بطعام بطونهم، ومعرب بالحركة. وفي رواية بفتح الواو «مقتوين» ومعرب بالحركة أيضا. قلت: لعلها مشتقة من «القوت» بمعنى الطعام لأنها وضعت لمن يخدم القوم بطعام بطنه. لأن القوت هو ما يمسك الرمق من الرزق، والخادم يقوت بطنه، إنما يعمل ليحصل على ما يقوم به بدنه، فقتو، وقوت موحدة الحروف مختلفة الترتيب.

وقوله: متى كنّا لأمّك مقتوين: يشير إلى القصة التي تقول: إن أمّ عمرو بن هند طلبت من أم عمرو بن كلثوم أن تناولها شيئا، إذلالا لها، فاستغاثت الأم فسمع عمرو بن كلثوم الاستغاثة وهو في القبة مع الملك، فتناول سيفا معلقا لابن هند وقتله به، ونادى في بني تغلب فانتهبوا جميع ما في الرواق واستاقوا نجائبه وساروا نحو الجزيرة.

قلت: هذا لا يكون: لأن عمرو بن هند دعا عمرو بن كلثوم في مملكته. فهل كان عمرو بن هند، خاليا من الجند والحرس، ليكون ما كان. وإذا كان عمرو بن كلثوم قتل عمرو بن هند، فكيف يقول له في المعلقة:

أبا هند فلا تعجل علينا ... وأنظرنا نخبرك اليقينا

بأنّا نورد الرايات بيضا ... ونصدرهنّ حمرا قد روينا

<<  <  ج: ص:  >  >>