للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعنينا هنا أن نذكر ما قاله في المعيار الدال على وحدة القصيدة والتئام أجزائها، أو ما يسمونه اليوم: «الوحدة العضويّة»، وهو التحام أجزاء النظم - حيث يقول:

«وعيار التحام أجزاء النظم والتئامه على تخير من لذيذ الوزن: الطبع واللسان.

فما لم يتعثر الطبع بأبنيته وعقوده ولم يتحبس اللسان في فصوله ووصوله بل استمرا فيه واستسهلاه، بلا ملال ولا كلال، فذاك يوشك أن تكون القصيدة منه كالبيت والبيت كالكلمة تسالما لأجزائه وتقارنا وألّا يكون كما قيل فيه:

وشعر كبعر الكبش فرّق بينه ... لسان دعيّ في القريض دخيل

وكما قال خلف:

وبعض قريض الشعر أولاد علّة ... يكدّ لسان الناطق المتحفّظ (١)

وكما قال رؤبة لابنه عقبة وقد عرض عليه شيئا مما قاله فقال:

قد قلت لو كان له قران. [المرزوقي ١٠/ ١١].

ونقتبس بعض ما كتبه ابن قتيبة في مقدمة كتابه «الشعر والشعراء» مما له دلالة على التحام أجزاء النظم في القصيدة العربية، حيث يقول: «وتتبيّن التكلّف في الشعر بأن ترى البيت فيه مقرونا بغير جاره، ومضموما إلى غير لفقه، ولذلك قال عمر بن لجأ - شاعر أموي - لبعض الشعراء: أنا أشعر منك، قال: وبم ذلك؟

فقال: لأني أقول البيت وأخاه، ولأنك تقول البيت وابن عمه. وقال عبد الله بن سالم لرؤبة بن العجاج: مت يا أبا الجحاف إذا شئت! قال رؤبة: وكيف ذلك؟

قال: رأيت ابنك عقبة ينشد شعرا له أعجبني - يريد أنه وجد من يرثك ويخلّد ذكرك - قال رؤبة: نعم، ولكن ليس لشعره قران» يريد أنه لا يقارن البيت بشبهه».

* ونفهم من مجموع الأقوال السابقة: أن من أركان القصيدة العربية: أن تكون مترابطة الأجزاء، ويأتي هذا الترابط: من وحدة القصيدة الموسيقية، باختيار لذيذ


(١) أولاد علّة: بنو رجل واحد من أمهات شتى، فهم مختلفون.

<<  <  ج: ص:  >  >>