إليه، قاله في طريق رحلته إلى ملك الروم المزعومة، وكان معه في الرحلة عمرو بن قميئة، وقد فطس امرؤ القيس في طريق العودة ومات أيضا عمرو بن قميئة في طريق هذه الرحلة. فمن الذي أوصل إلى الرواة شعره الذي قال
فيه:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
ومن الذي نقل إلينا عند موته «وإني مقيم ما أقام عسيب»؟! وينقلون شعرا يزعمون أنه قاله في ابنة القيصر، وأن حوارا دار بينه وبينها.
وقصيدة الأعشى في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، مع أنها قريبة العهد من العصر الإسلامي بل زعموا أنه قالها بعد صلح الحديبية. ولكنني لم أجد لها سندا صحيحا متصلا، بل روايات قصتها متعددة ومتضاربة، وفيها من المعاني الإسلامية ما لا يقوله إلا من قرأ القرآن وفهمه، وجالس النبي صلّى الله عليه وسلّم. وليس للأعشى نصيب من هذا ... وقد جاء في كتب النحو عشرات من أبياتها.
وقصيدة أبي طالب في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، لم يصحّ عندنا منها إلا البيت الذي يقول فيه «وأبيض يستسقى الغمام بوجهه» ولكنها قد تصل في بعض المراجع إلى مئة بيت. وفي كتب النحو شواهد كثيرة منها.
ب - نحن لا نرى أن كلّ ما ذكرنا من النماذج موضوع ومنحول، قد يكون لهذا الشعر أصل قليل، ثم زيد عليه، ولكن من الذي زاد وطوّل في هذا القصيد؟.
الجواب: إنّ أكثر من نسب إليهم وضع الشعر ونحله، ينتمون إلى ما بعد العصر الذي يستشهدون بشعر أهله ... فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نستشهد بشعر الوضّاعين من أهل العصر العباسي، ولا نستشهد بشعر بعض الشعراء الذين شهروا بفصاحة القول وجزالة اللفظ، وقوة التركيب، من أهل العصر العباسي، أمثال:
بشار بن برد، وأبي نواس، والعباس بن الأحنف، والشريف الرضي، وأبي تمام، والمتنبي.
ج - وقد اختار الزمخشري، والرضيّ، الاستشهاد بشعر بعض من سموهم المولدين ممن يوثق بكلامهم. فقد استشهد الزمخشري في تفسيره ببيت من شعر