١ - إن مؤلفي كتب النحو يركزون عنايتهم على الكلمة المفردة، أو الجملة، أو الحرف من البيت، ولم يكن يعنيهم أن يقرؤوا البيت في سياق القصيدة - في الغالب - إلا إذا كانت الكلمة محل الشاهد في قافية البيت، أو كان محلّ الشاهد في بيتين:
مثال الأول: الاستشهاد لنصب المضارع بعد «أو» ببيت امرئ القيس:
فقلت له: لا تبك عينك إنّما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
- فقالوا: إنّ «نموت» منصوب؛ لأن «فنعذرا» معطوف عليه بالنصب، والقوافي في القصيدة منصوبة.
ومثال الثاني: قول عمر بن أبي ربيعة، أو العرجيّ:
ليت هذا الليل شهر ... لا نرى فيه عريبا
ليس إيّاي وإيّا ... ك ولا نخشى رقيبا
[عريبا - بالعين المهملة، بمعنى «أحد»]. فجاؤوا بالبيت الأول مع البيت الثاني لأن اسم «ليس» ضمير مستتر يعود على «عريبا» أو لأنّ ليس بمعنى «إلا».
٢ - قال أوس بن حجر:
فأمهله حتى إذا أن كأنّه ... معاطي يد في لجّة الماء غامر
استشهد بهذا البيت ابن هشام في «المغني» والشيخ خالد في شرح التصريح لزيادة «أن» بعد «إذا»، فنظروا إلى قوله:«إذا أن كأنّه» ولم يتدبروا بقية البيت، ولم يقرؤوا البيت في القصيدة، ولذلك وقعوا في الأوهام التالية:
أ - جاء البيت بقافية الراء «غامر» والحق أن القافية فائية وهي كلمة «غارف» لأن البيت من قصيدة فائية مطلعها:
تنكّر بعدي من أميمة صائف ... فبرك فأعلى تولب فالمخالف