للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجز جاء في كتب النوادر. ومعنى احترش: أصيد الضبّ، والاحتراش: صيد الضبّ خاصة، وهو أن يحرك يده على جحر؛ ليظنّه حية فيخرج ذنبه ليضربها، فيأخذه. وقيل:

أن يؤتى إلى باب جحر الضبّ بأسود الحيات، فيحرك عند فم الجحر، فإذا سمع الضبّ حسّ الأسود خرج إليه ليقتله، فيصاد.

وقوله: ولو حرشت: التفات من الغيبة إلى الخطاب، يعني: لو كنت تصيدين الضبّ، لأدخلته في فرجك دون فمك إعجابا به وإعظاما للذّته. فقوله «حرش» في آخر الرجز، يعني: «حرك» والحر، بالكسر: فرج المرأة، وأصله

«حرح» بسكون الراء، فحذفت الحاء الأخيرة منه، واستعمل استعمال «يد، ودم»؛ ولذلك يصغّر على (حريح)، ويجمع على (أحراح)، وقد يعوض من المحذوف راء، فيقال: حرّ، بتشديد الراء.

والشاهد في الرجز: أن ناسا من تميم ومن أسد يجعلون مكان الكاف المؤنثة شينا في الوقف، كما في «حرش»، وأصله «حرك»، وربما فعلوا هذا في الكاف الأصلية المكسورة في الوصل أيضا، فرووا بيتا للمجنون يقول:

فعيناش عيناها وجيدش جيدها ... سوى أن عظم الساق منش دقيق

يريد:

فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... سوى أن عظم الساق منك دقيق

يشبه صاحبته بالظبية، وتسمى هذه اللغة: «الكشكشة»، ولكن بيت المجنون يروى بالكاف في «ديوانه» وفي مجموعات الشعر؛ ولذلك ربما كانت أكثر قصصهم في لغات العرب موضوعة، فقد نقل البغدادي في «الخزانة» ج ١١/ ٤٦٦: أن من لهجات العرب «تلتلة» بهراء، فهم يكسرون حروف المضارعة، فيقولون: «أنت تعلم» بكسر التاء، وروى أن ليلى الأخيلية كانت تتكلم بهذه اللغة، وأنها استأذنت ذات يوم على عبد الملك بن مروان وبحضرته الشعبيّ، فقال له: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في أن أضحكك منها؟

قال: افعل، فلما استقرّ بها المجلس، قال لها الشعبي: يا ليلى، ما بال قومك لا يكتنون، فقالت له: ويحك أما (نكتني)؟ فقال: لا والله، ولو فعلت لاغتسلت، فخجلت عند ذلك، واستغرق عبد الملك في الضحك.

قال أبو أحمد، غفر الله له: أقسم بالله أن القصة موضوعة؛ لأنها مروية بدون إسناد،

<<  <  ج: ص:  >  >>