للمعلقات إحداهما رواية الزوزني مع شرحها، ورواية التبريزي (القصائد العشر) مع شرحها. وقد قارنت بين معلقتين الأولى: لزهير، والثانية: للبيد، أما معلقة زهير فإنني وجدت اختلافا في الترتيب في أكثر من عشرة مواضع مع الاختلاف في عدد الأبيات. أما معلقة لبيد، فإن تسلسل الأبيات في الروايتين وعددها، يكاد يكون متفقا، ولم أجد اختلافا في الترتيب إلا في موضع واحد. ولذلك فإن طه حسين اتخذ من معلقة لبيد مثالا، للردّ على من يدّعون افتقار القصيدة الجاهلية إلى الوحدة المعنوية، وأثبت من خلال عرضه القصيدة أنه لا يمكن تقديم بيت على بيت فيها. (حديث الأربعاء ١/ ٢٨ - ٣٩).
٢ - وليست قصيدة لبيد يتيمة، فهناك عشرات القصائد المطولات التي رواها المحققون من أهل الرواية. ولعلّ كثيرا من قصائد «المفضليات» التي نشرها وحققها الأستاذان: أحمد شاكر، وعبد السّلام هارون، يعدّ نماذج للقصيدة العربية.
فالمفضّل الضبي - راوي القصائد - كان موثقا في روايته، وكان من العلماء بالشعر. قال فيه محمد بن سلام الجمحي في طبقات الشعراء:«وأعلم من ورد علينا من غير أهل البصرة، المفضّل بن محمد الضبي الكوفي». ولكنّ الرواة والنساخ بعد المفضل لم يتركوا لنا مختاراته كما اختارها ورواها، وإنما زادوا في عدد القصائد، كما زادوا في أبيات القصائد، فاختلطت بغيرها. فالمشهور أن المفضل اختار ثمانين قصيدة، ولكنها وصلت في
المطبوع إلى ثلاثين ومئة قصيدة.
ومما يطمئن النفس أن المحققين قالوا: إن مختارات المفضل، لم تخرج عن هذا المجموع، ولكن الذي يصعب على القارئ التمييز بين مختارات الضبي والدخيل عليها. ومع ذلك فإن في هذا المجموع عشرات القصائد المطولة التي يظهر التلاحم بين أجزائها؛ لأنها وصلت إلينا كما قالها شاعرها. وإذا لم تستطع أن تربط بين أجزاء هذه القصائد، فإنني أوصي بقراءة الأجواء التي كتبها المحققان في حاشية هذه القصائد: قصيدة تأبط شرا، وهي أولى المفضليات، وعدد أبياتها ستة وعشرون بيتا، وقصيدة الحصين بن الحمام المرّي ص ٦٤، وعدد أبياتها اثنان وأربعون بيتا، وقصيدة المرّار بن منقذ ص ٨٢، وعدد أبياتها خمسة وتسعون بيتا، وقصيدة الأسود بن يعفر ص ٢١٥، وعدد أبياتها ستة وثلاثون