للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختل المعنى ويضطرب، مع أنها من أبيات المعاني، بل المشبعة بالمعاني التي تساعد على جعلها من الأمثال السائرة.

٤ - أما البيت وأخوه تلاحما، وتتابعا، فأمثلته لا حصر لها. وأخبرني كيف يمكن أن تقدّم وتؤخر بين هذه الأبيات التالية دون أن يفسد المعنى، وهي لتأبط شرا أو لامرئ القيس من معلقته - على خلاف بين الرواة -[انظر شرح

المعلقات للزوزني]:

وواد كجوف العير قفر قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيّل

فقلت له لما عوى إنّ شأننا ... قليل الغنى إن كنت لمّا تموّل

كلانا إذا ما نال شيئا أفاته ... ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل

وكيف يمكن تقديم البيت الثاني على الأول في قول امرئ القيس من معلقته:

وقد أغتدي والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل

مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطّه السيل من عل

٥ - ولعلّ أكبر شبهة ينفذ منها الطعن في وحدة القصيدة العضوية: هي أبيات الحكمة التي تتخلل بعض القصائد. وهذه الأبيات تبدو للنظرة العجلى أنها معزولة عن موضوع القصيدة، كما أنه يسهل التقديم والتأخير فيها. وإليك هذه النظرات، لعلها تبدد شيئا من ظلمة هذه الشبهة، وتنوّر الطريق أمام قارئ أبيات الحكمة ومتذوقها في سياق القصيدة العربية، أو قارئ الحكمة منفردة عن القصيدة، وبخاصة إذا كانت الحكمة موضوع قصيدة مستقلّة:

أ - يجب التأكّد من أن هذه الأبيات منسوبة إلى صاحبها، وأنها قد وضعت في مكانها من سياق القصيدة كما أراده الشاعر، وأنها متتابعة كما ساقها الشاعر. فقبل أن نعيب «القول» يجب أن نتأكد أن صاحبه قد قاله، أو قاله بالصورة التي وصلت إلينا. وقد ألمحنا فيما سبق أن الرواية لعبت بالشعر، بحسن نيّة، أو لهوى، أو لأسباب أخرى. وأنقل هنا موازنة بين روايتين لأبيات الحكمة في معلقة زهير بن

<<  <  ج: ص:  >  >>